قال ابن تيمية: (ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمونه, ويذمون أهله, وينهون عنه وعن أهله، حتى رأيت للمتأخرين فتيا فيها خطوط جماعة من أعيان زمانهم من أئمة الشافعية والحنفية وغيرهم فيها كلام عظيم في تحريمه، وعقوبة أهله) .
وقال ابن الصلاح: (سمعت الشيخ العماد بن يونس يحكي عن يوسف الدمشقي مدرس النظامية ببغداد – وكان من النظار المعروفين -: أنه كان ينكر هذا الكلام (وجوب تعلم المنطق) ويقول: فأبو بكر وعمر وفلان وفلان، يعني أن أولئك السادة عظمت حظوظهم من الثلج واليقين، ولم يحيطوا بهذه المقدمة وأسبابها) .
وفتوى ابن الصلاح في تحريم المنطق مشهورة، وكان قد سئل عمن اشتغل بالمنطق والفلسفة تعلماً وتعليماً، وهل المنطق مما أباح الشارع تعلمه وتعليمه؟، وهل نقل عن الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إباحته أو الاشتغال به؟ وهل يجوز أن يستعمل في إثبات الأحكام الشرعية الاصطلاحات المنطقية، أم لا؟. . إلى آخر الفتوى : فأجاب رحمه الله تعالى بما ملخصه:
الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال. . ثم بالغ في ذم الفلسفة وازدرائها. . ثم قال: (وأما المنطق فهو مدخل الفلسفة, ومدخل الشر شر، وليس الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما أباحه الشارع، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين، والأئمة المجتهدين، والسلف الصالحين، وسائر من يقتدى به من أعلام الأمة وسادتها).. ثم ذكر أن استعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من الأمور المستحدثة والمنكرات المستبشعة، وليس بالأحكام الشرعية – والحمد لله – افتقار إلى المنطق أصلاً. . إلى آخر الجواب .
فهل يقال بعد ذلك إن الصحيح المشهور جوازه بشرط المكنة من العلوم الشرعية، فضلاً عن جوازه مطلقاً، فضلاً عن وجوبه على الأعيان أو الكفاية، سبحانك هذا بهتان عظيم!
لكن قد يقال يجوز حكايته لبيان عوره، وإثبات فساده، وعديم فائدته، مثله في ذلك مثل الأحاديث الموضوعة، تحكى لبيان وضعها وفسادها.