بلا كلمات فقط وقفت تتحدث بنظراتها البريئة جدا خلف سياج لم يعتد جسدها الصغير على الاحتجاز خلفه، تحتضن بأناملها الصغيرة أطرافه وكأنها تتوسل وتتساءل فى نفس الوقت عبر الخيام المكتظة بها معسكرات اللاجئين السوريين أى ذنب اقترفت حتى أجلس فى أرض ليست بأرضى، على أطراف الحدود التركية المتاخمة لسوريا المشتعلة ثورتها منذ أكثر من عام ونصف، هكذا عرفنا أننا وصلنا لبغيتنا أخيرا، بعد رحلة مثيرة قطعناها عبر الجبال، بدأناها من مدينة أنطاكية التركية، الواقعة على نهر «العاصى»، واستمرت لمدة ساعة وربع حتى بدأت قمم معسكرات اللاجئين السوريين، والتى استقبلنا أولها ويسمى «بوخشين»، هنا لاذ أكثر من 3 آلاف لاجئ سورى، بالفرار من ويلات قصف بشار الأسد لمنازلهم، وحسبما تقول الإحصائيات التركية، احتضنت هذه الأراضى أكثر من 42 ألف لاجئ سورى، فروا من منازلهم هربا من آلة الحرب المرعبة التى تطاردهم وتقتنص أبناءهم غدرا وبلا رحمة.
أين أصدقائى؟ هل رأيت مريم وجهاد؟ وماذا عن بائع الحلوى أين هو؟ وأرضى التى تبعد 3 كيلومترات فقط هل سأراها من جديد؟ سنوات التشرد أكسبت أبناء سوريا اللاجئين فى معسكرات دول العالم الحدودية عمرا على أعمارهم، فكما تغير الثورات وعى شعوبها تشكل أيضا الحروب وعيا مختلفا.. تساوى الجميع فى الحزن، بعدما تحولت ثورتهم ضد طغيان نظام البعث السورى إلى حرب مجنونة، يشنها بشار ومعاونوه على شعب بأكمله، غير عنوانه، وصار لاجئا، تؤويه الجبال، وتتلقفه برودتها القارسة، رغم فصول الصيف، ويتاجر فيه سماسرة التهريب، ويتهدده بصاصو النظام بالاعتقالات المفاجئة التى لا تميز بين معارض ولاجئ.