داء السكر من النوع الثاني يتميز باختلافه عن النوع الأول من حيث وجود مقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى قلة إفراز الأنسولين. ولا تستجيب مستقبلات الأنسولين الموجودة في الأغلفة الخلوية لمختلف أنسجة الجسم بصورة صحيحة للأنسولين. بالمراحل الأولى تكون مقاومة الأنسولين هي الشذوذ الطاغي في استجابة الأنسجة للأنسولين ومصحوبة بارتفاع مستويات أنسولين في الدم. وفي هذه المرحلة يمكن تقليل مستوى جلوكوز الدم عن طريق وسائل وأدوية تزيد من فاعلية الأنسولين وتقلل إنتاج الجلوكوز من الكبد. وكلما تطور المرض تقل كفاءة إفراز الأنسولين من البنكرياس وتصبح هناك حاجة لحقن الأنسولين.
توجد العديد من النظريات التي تحاول تحديد سبب وآلية الإصابة النوع الثاني من السكر. ومن المعروف أن الكرش (الدهون التي تتركز حول الوسط على الأعضاء داخل البطن وليس الدهون تحت الجلد) تؤدي إلى مقاومة الأنسولين. وتنشط الدهون هرمونيًا وتفرز مجموعة من الهرمونات التي تقلل من فاعلية الأنسولين. ويعاني من السمنة 55 % من المرضى المصابين بـالنوع الثاني من السكر[1]. توجد عوامل أخرى مثل التقدم بالعمر (حوالي 20 % من المسنين يعانون من البول السكري في أمريكا الشمالية) وتاريخ العائلة (يشيع النوع الثاني أكثر في الأفراد الذين لديهم أقارب عانوا منه سابقاً) وقد بدأ النوع الثاني بإصابة الأطفال والمراهقين باضطراد في العقد السابق وربما يرجع ذلك إلى انتشار سمنة الأطفال في بعض الأماكن في العالم[2].
و يمكن أن يستمر النوع الثاني بدون ملاحظة المريض لفترة طويلة بسبب ضعف ظهور الأعراض أو بسبب عدم وضوحها أو اعتبارها مجرد حالات فردية عابرة لا توحي بوجود مرض. وعادة لا يعاني المريض من الحماض الكيتوني. ولكن يمكن أن تنتج مضاعفات خطيرة من عدم ملاحظة المرض مثل قصور كلوي الناتج عن اعتلال الكلى السكري أو مرض وعائي (مثل مرض في الشريان التاجي) أو مرض في العين ناتج عن اعتلال الشبكية السكري أو فقد الإحساس بالألم بسبب اعتلال الأعصاب السكري أو تلف الكبد ناتج عن التهاب كبدي دهني لا كحولي (أي أن سببه ليس مشروبات كحولية كما يحدث في العادة).
و يبدأ علاج النوع الثاني عادة عن طريق زيادة النشاط البدني وتقليل تناول النشويات وتقليل الوزن. ويمكن لهذه الإجراءات أن تستعيد فاعلية الأنسولين حتى لو كان فقد الوزن قليلاً (5 كيلوغرامات على سبيل المثال) خصوصاً لو كان من منطقة الكرش ويمكن في بعض الحالات التحكم في مستوى غلوكوز الدم بصورة جيدة بواسطة هذه الإجراءات فقط ولفترة طويلة ولكن ميل الجسم لمقاومة الأنسولين لا ينتهي ولذلك يجب الانتباه إلى مواصلة النشاط البدني وفقد الوزن والحفاظ على نظام غذائي مناسب للمرض. وتكون الخطوة التالية من العلاج عادة هي تناول الأقراص المخفضة للسكر. ويضعف إنتاج الأنسولين إلى حد ما في بداية النوع الثاني من السكر ولذلك يمكن تعاطي دواء عن طريق الفم (يُستعمل في العديد من الوصفات الطبية التي تحتوي على مجموعة من الأدوية) لتحسين إنتاج الأنسولين (عائلة السلفونيل يوريا) أو لتنظيم الإفراز غير المناسب للغلوكوز من الكبد ولإضعاف مقاومة الأنسولين إلى حد ما (الميتفورمين) أو لإضعاف مقاومة الأنسولين بصورة كبيرة (مثل الثيازوليدينديونات). وقد وجدت إحدى الدراسات أن بمقارنة المرضى البدناء الذين يتعاطون الميتفورمين بأولئك الذين يعتمدون على ضبط النظام الغذائي فقط فإن تعاطي الميتفورمين يقلل احتمال إصابة بمضاعفات خطيرة بنسبة 32% ويقل احتمال الموت بسبب مرض البول السكري بنسبة 42% بل وتقل لديهم احتمال الوفاة أو الإصابة بالسكتة الدماغية لأي سبب بنسبة 36% . ويمكن للدواء الفموي أن يفشل في النهاية بسبب الضعف المتواصل لإفراز الأنسولين من الخلايا بيتا وعند الوصول لهذه المرحلة يجب تعاطي حقن الأنسولين للتحكم في غلوكوز الدم.
الوقاية
يمكن تأخير أو منع ظهور مرض السكر من خلال التغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام. إن التدابير المكثفة لتحسين نمط الحياة قد تخفّف نسبة الخطر أكثر من النصف. إن الدراسات التي تؤكد منافع التغيير في الغذاء وحده ما زالت محدودة. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اختلال في تحمّل الجلوكوز، إن اتباع الحمية وممارسة الرياضة و\ أو تناول الميتفورمين أو الأكاربوس metformin or acarbose قد يخفّف من خطر الإصابة بمرض السكر. في هذه الحال، إن التحسينات في نمط الحياة هي أكثر فعالية من الميتفورمين.