أحمد بن علي البوني هو الشيخ شرف الدين أو شهاب الدين أحمد بن علي بن يوسف البوني الأمازيغي المالكي. ولد في مدينة بونة (عنابة) بالجزائر سنة 520 هـ تقريباً وتوفي بالقاهرة سنة 622 هـ.
رحلاته وطلبه للعلم
قرأ القرآن الكريم بالقراءات في مدينة تونس. تفقه على المذهب المالكي للإمام مالك رضي الله عنه. تفنن في عدة علوم، وأخذ عن جماعة منهم: ابن حرز الله وابن رزق الله وابن عوانة. رحل إلى الأندلس حيث لقي هناك أبا القاسم السهيلي وابن بشكوال والفقيه أحمد بن جعفر الخزرجي السبتي. انتقل إلى الإسكندرية ولقي الحافظ أبي طاهر السلفي و أبي الطاهر إسماعيل بن عوف الزهري المالكي. أقام بالقاهرة زمن الخليفة العاضد لدين الله. ثم خرج من القاهرة إلى مكة لأداء فريضة الحج. وبعده رحل إلى بيت المقدس ومنها توجه إلى دمشق والتقى بالحافظ أبي القاسم ابن عساكر. ثم دخل واسط و بغداد ولقي الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي. ورجع إلى بيت القدس ومنها إلى مكة وأدى فريضة الحج مرة أخرى وعاد إلى مصر. وقيل له: "كيف كان سفرك هذا؟", فقال: "خير سفر بدأناه ببيت الله وختمناه به (يريد الحج)". ثم عاد إلى تونس مرة أخرى وأقام بها يعلم الصبيان ويؤم الناس باحد المساجد هناك, ثم ترك التعليم وأقبل على الوعظ.
مولفات الشيخ احمد بن علي البوني
صنف الشهاب البوني ما يقرب من 40 كتابا, منها:
كتاب في الوعظ, يتداوله الناس في أفريقية كما يتداولون كتب ابن الجوزي في المشرق.
شرح أسماء الله الحسنى في مجلدين كبيرين, قال المقريزي: ضمنه فوائد حسنة.
شمس المعارف الكبرى في علم الحرف (كتاب في الحكمة و الفلسفة لا مثلما يقول البعض كتاب في السحر)قال المقريزي:عزيز الوجود يتنافس الناس فيه ويبلون الأموال الجزيلة.
كتاب اللمعة النورانية.
كتاب الأنماط.
وبقية أسماء مؤلفات البوني مذكورة في "هدية العارفين" و "كشف الظنون", وذكر النبهاني في "جامع كرامات الأولياء" أن أبا العباس المرسي أخذ عن الشيخ البوني, وهو صوفى.
صفاته ومناقبه
كان كثير الانقطاع والعبادة, وكان كثير التهجد والصيام, ويمسك عن الطعام في أكثر أوقاته, ويؤثر العزلة على مخالطة الناس, ويخرج في أغلب الأحيان إلى جبل (ماكوض) على البحر شرقي تونس على يومين منها فيقيم به, ولم يكن له أولاد ولا أتباع لإعراضه عن ذلك.
كراماته وأحواله في علوم الحرف
لم يكن في زمنه ببلده أحسن منه خلقا ولا أكثر معرفة بعلم الحساب والحروف والفلك منه, حتى كان يقال له: كندي الزمان, ويقال: أن الحروف تخاطبه فيعلم منها منافعها ومضارها. تؤثر عنه أحوال عجيبة كطي الأرض في المشي (أي كان من أهل الخطوة), والاختفاء عن الناس والاحتجاب عنهم, فساعة هو معك تراه وساعة يغيب عنك ويتوارى في الطريق فلا يظهر لك إلا بعد أسبوع وأكثر.
كان كثيرا ما يأتي بما يقترح عليه من الفواكه والخضروات في غير وقت أوانها, ويأتي إلى النساء الحوامل بهذه الفواكه والخضروات في غير حينه, ويقرع أبوابهن ليلا ونهارا, ويقول: خذوا شهواتكن لعل الله ينفعنا بسببكن.
حواره مع ابن عساكر
وقال له الحافظ ابن عساكر مرة في دمشق: إن الناس يذكرون أن هذه الدولة الفاطمية قرب زوالها؟ فقال البوني: وكذلك الدولة العباسية أيضا, ولكن الدولة الفاطمية آن زوالها وحان, والدولة العباسية قرب وكاد, وليس بين الدولتين إلا قريبا من تسعين سنة. فقال ابن عساكر: فمن يكون بعدهم؟ فقال البوني: قوم لا يعبأ الله بهم وإن أحسنوا, هم كالنمر مع البقر, أو كالذئب مع الغنم, يؤيد الله بهم هذا الدين ويعمر بهم الشام والحجاز واليمن والجزيرة, هم الذين وقعت فيهم الإشارة من صاحب الشريعة حيث قال: ((إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)), فما رأيت أكثر منهم عملا تظاهرا بفجو إذا ظهروا.
فقال ابن عساكر: فبلادك أنت؟ فقال البوني: يظهر فيما بعد هؤلاء الذين بها قوم سوء ثم قوم سوء ثم قوم سوء. قال ابن عساكر: فما وراء ذلك؟ قال: كذلك حتى ينزل عيسى بن مريم .هده رواية فيها نظر