أنت الذي يا ربِّ قلتَ
ونظمته ببلاغةٍ أزليَّةٍ
وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه
فالله ربي لم يزل متكلما
نادى بصوتٍ حين كلّم عبدَه
وكذا ينادي في القيامة ربنا
أن يا عبادي أنصتوا لي واسمعوا
هذا حديث نبينا عن ربه
لسنا نشبه صوته بكلامنا
لا تحصر الأوهام مبلغ ذاته
وهو المحيط بكل شيء علمه
من ذا يكيف ذاته وصفاته
سبحانه ملكا على العرش استوى
وكلامه القرآن أنزل آيه
صلى عليه الله خير صلاته
هو جاء بالقرآن من عند الذي
تنزيل رب العالمين ووحيه
وكلام ربي لا يجيء بمثله
وهو المصون من الأباطل كلها
من كان يزعم أن يباري نظمه
فليأت منه بسورة أو آية
فلينفردْ باسم الألوهية وليكن
فإذا تناقض نظمه فليلبسن
أو فليقرّ بأنه تنزيل من
لا ريب فيه بأنه تنزيله
الله فصله وأحكم آيه
هو قوله وكلامه وخطابه
هو حكمه هو علمه هو نوره
جمع العلوم دقيقها وجليلها
قصص على خير البرية قصة
وأبان فيه حلاله وحرامه
من قال إن الله خالق قوله
من قال فيه عبارة وحكاية
من قال إن حروفه مخلوقة
لا تلق مبتدعا ولا متزندقا
والوقف في القرآن خبث باطل
قل: غير مخلوق كلام إلهنا
أهل الشريعة أيقنوا بنزوله
وتجنب اللفظين إن كليهما
يأيها السني خذ بوصيتي
واقبل وصية مشفق متودد
كن في أمورك كلها متوسطا
واعلم بأن الله رب واحد
الأول المبدي بغير بداية
وكلامه صفة له وجلالة
ركن الديانة أن تصدق بالقضا
الله قد علم السعادة والشقا
لا يملك العبد الضعيف لنفسه
سبحان من يجري الأمور بحكمة
نفذت مشيئته بسابق علمه
والكل في أم الكتاب مسطّر
فاقصد هُدِيت ولا تكن متغاليا
دِنْ بالشريعة والكتاب كليهما
والخير والشر اللذان كلاهما
ولكل عبد حافظان لكل ما
أُمِرَا بِكَتْبِ كلامه وفعاله
والله صدق وعده ووعيده
والله أكبر أن تحد صفاته
حروفه ووصفته بالوعظ والتبيانِ
تكييفها يخفى على الأذهانِ
من قبل خلق الخلق في أزمانِ
حقاً إذا ما شاء ذو إحسانِ
موسى فَأَسْمَعَهُ بلا كتمانِ
جهراً فيسمع صوته الثقلانِ
قول الإله المالك الديانِ
صدقا بلا كذب ولا بهتانِ
إذ ليس يُدْرَكُ وصفه بعيانِ
أبداً ولا يحويه قطر مكانِ
من غير إغفالٍ ولا نسيانِ
وهو القديم مكوّن الأكوان
وحوى جميع الملك والسلطان
وَحْيَاً على المبعوث من عدنان
ما لاح في فلكيهما القمران
لا تعتريه نوائب الحدثان
بشهادة الأحبار والرهبان
أحد ولو جُمِعَتْ له الثقلان
ومن الزيادة فيه والنقصان
ويراه مثل الشعر والهذيان
فإذا رأى النظمين يشتبهان
ربَّ البرية وليقل سبحاني
ثوب النقيصة صاغرا بهوان
سمّاه في نص الكتاب مثاني
وبداية التنزيل في رمضان
وتلاه تنزيلا بلا ألحان
بفصاحة وبلاغة وبيان
وصراطه الهادي إلى الرضوان
فيه يصول العالم الرباني
ربي فأحسن أيما إحسان
ونهى عن الآثام والعصيان
فقد استحل عبادة الأوثان
فغدا يجرع من حميم آن
فالعنه ثم اهجره كل أوان
إلا بعبسة مالك الغضبان
وخداع كل مذبذب حيران
واعجل ولا تك في الإجابة واني
والقائلون بخلقه شكلان
ومقال جهم عندنا سيان
واخصص بذلك جملة الإخوان
واسمع بفهم حاضر يقظان
عدلا بلا نقص ولا رجحان
متنزه عن ثالث أو ثان
والآخر المفني وليس بفان
منه بلا أمد ولا حدثان
لا خير في بيت بلا أركان
وهما ومنزلتاهما ضدان
رشدا ولا يقدر على خذلان
في الخلق بالأرزاق والحرمان
في خلقه عدلا بلا عُدْوان
من غير إغفال ولا نقصان
إن القدور تفور بالغليان
فكلاهما للدين واسطتان
بجميع ما تأتيه محتفظان
يقع الجزاء عليه مخلوقان
وهما لأمر الله مؤتمران
مما يعاين شخصه العينان
أو أن يقاس بجملة الأعيان