كتبت إلي ، تسأل :
لماذا يبخل البعض بالبوح بمشاعرهم ؟!
لو يعلمون أي سعادة يضيعها الصمت، و أي تصحر يكسو الروح بسببه ؟!!
و كتبت ، أجيب :
ليس [ البخل ] هو الذي يدفع البعض إلى أن لا يبوحوا بمشاعرهم، و إلى أن يكتموا عواطفهم، و إنما [ الخوف ] هو الذي يجبرهم على [ الصمت ]، و يحتم عليهم [ المداراة ]؛ إيثارا للسلامة؛ و تجنبا للندامة؛ فيجعلهم يعشقون في حيرة و كتمان و حزن و انتظار و ألـم.. و ربما ، في عـذاب ؛ و لكن عذابا يكون عـذبـا !!!
كما أن سعادة العاشقين ، لا تكتمل ، دائما ، بالبوح ، و الكلام الصريح ؛ ففي بعض الحالات يكون البوح : [ الذبح ] لعواطف العاشقين ، و [ القـتـل ] لمشاعرهم ، و [ التصفية ] لخلجاتهم ؛ فتظل قلوبهم تـنـزف حزنا و ندما ؛ و عيونهم تسيل دمعا و ألما ؛ فلا يرحمهم المعشوق ؛ و لا يواسيهم الزمن . و قد يخسرون المعشوق، و لو لمجرد الكلام العابر، و النظرات البديلة، في اللحظات القليلة؛ فيكون [ الحرمان ] أكـبـر و أقـسى !!!
فالحب عند العاشق الصادق ، لا تكتمل لـذته إلا إذا ائتلف قلبه و قلب معشوقه ، و توحدت إرادته و إرادة الآخر ...
أما إذا تـنـافرا، و اختـلفا؛ فالبوح، في هذه الحالة، يكون أشبه بالوردة الأمل، يلقي بها صاحبها، بعد طول بحث عنها، و كثرة عـنـاء و اعتـنـاء، في النـار، فتحترق... و الروح ، عندئذ ، لا تتصحر فحسب ، بل تحترق تماما ، و لا تجد من يطفئ هذا الحريق .
و أقسى من هذا، أن ترى المعشوق نفسه، يتفرج على منظر الحريق، بأعصاب باردة، و نظرات جامدة، و لا يمـد يـد المساعدة للعاشق. و قد يضحك عليه ، في قسوة و شماتـة ، كما ضحك نيرون الطاغية عندما أحرق مدينة رومـا .
في الحب، يكون [ الصمت ] أبلغ من الكلام؛ لأن المعاني التي في قلب العاشق أكبر من جميع الكلمات، و أكثر من كل البوح ..
و هذا هو حقيقة حبي لك : فأنت ممزوجة بآلامي .. وآلامي منك هي أشواقي.. و أشواقي إليك هي أفكاري.. و أفكاري فيك هي معانيك في نفسي، و في قلبي.. و معانيك هي حبي ...
و ما الحب في اعتقادي إلا الآلام، و الأشواق، و الأفكار، و المعاني، التي في نفسي و في قلبي، و فيهما وحدهما... و لكن دون بـوح .. و دون إعـلان ... ليس [ بخل ] طبعا، و لكن [ خوفـا ] فقط !!!
و لأن حبي لك فوق مستوى الكلام، قـررت أن أسكت !!!
و السلام .