الحب من طبيعة الإنسان، فالحب عمل قلبي؛ ولذا كان الحب موجودا منذ وجد الإنسان
على ظهر هذه الأرض، وتظل المحبة على وجه الأرض ما بقي إنسان، ولما كانت المحبة
بتلك المنزلة جاء الإسلام ليهذبها، ويجعل هذا الرباط من أجل الله، فالمؤمن يحب من أجل الله
ويبغض لله يوالي له ويعادي له.
والحب في الله عبادة عظيمة وأجر وافر يغفل عنه كثير من الناس مع أن الحاجة ماسة
إلى تلك العبادة في كل حين، وفي الآونة الأخيرة أشد خاصة في عصرنا.
فما فضل المحبة في الله، وشروطها، وواجباتها؟
فضائل المحبة في الله
المحبة لها علاقة بالإيمان
ففي حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأنصار "لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق".
تجلب حلاوة الإيمان
في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار".
تستكمل الإيمان
عن أبي أمامة رضي الله عنه "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" رواه أبو داود.
أوثق عرى الإيمان
عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: "أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله
والحب في الله والبغض في الله" رواه الطبراني وحسنه الأرناؤط.
طريق إلى الجنة
روى مسلم من حديث أبي هريرة "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
تجلب محبة الله
قال صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين في".
تجلب محبة الملأ الأعلى أجمعين مع القبول في الأرض
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه "إذا أحب الله عبدا دعا جبريل فقال يا جبريل
إني أحبه فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه
فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض".
سبب في دخول الجنة
فهي من الأعمال الصالحة التي تستوجب حسن الثواب، ولها ثواب خاص... روى الترمذي بسند حسن صحيح
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"المتحابون بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء".
شروط المحبة في الله
1- أن تكون لله، فكل عمل لغير الله لا يقبله الله، ومعنى كونها لله أنها لا تتأثر ببياض
أو سواد أو حزب أو جماعة أو بلد أو عرق بل هي لله وحده لا شريك له.
2 - أن تكون على الطاعة، فالحب في الله طاعة لله، فهل تستغل طاعة الله لشيء محرم؟!
3 ـ أن تشتمل على التناصح، فالمؤمن ناصح للمؤمنين أجمعين، والنبي صلى الله عليه وسلم
يقول كما في صحيح مسلم من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه:
"الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة".
واجبات المحبة في الله
1 - إخبار من يحب
فعن المقداد بن معدِ يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
2 - أن تحب له ما تحب لنفسك
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
3 - الهدية
في سنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تهادوا تحابوا".
4 - إفشاء السلام
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟
أفشوا السلام بينكم".
5 - البذل والتزاور
والمقصود البذل بمعناه الواسع، بذل من الوقت والجهد والعلم والمال.
6 - حرارة العاطفة
روى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة قالت: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت
فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين
وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم
فأنزل الله "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم"
أخبار المتحابين بالله
* في البخاري وغيره عن عبد الرحمن بن عوف قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع
فقال سعد: إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم لك شطر مالي، وانظر أي زوجتيَّ هويت نزلت لك عنها
فإذا هي حلت تزوجتها، فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، ولكن هل من سوقٍ فيه تجارة ؟.
* وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول لابنه الحسن: يا بني الغريب من ليس له حبيب.
* وقال الحسن البصري: إخواننا أحب إلينا من أهلينا، إخواننا يذكروننا بالآخرة، وأهلونا يذكروننا بالدنيا.
* وقال بعض السلف: إن الذباب ليقع على صديقي فيشق علي .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين