يحدث التهاب الكلى في حالة حدوث التهاب لهذه الحويصلة، ويمكن أن يحدث هذا الالتهاب نتيجة لأسباب كثيرة؛ ولكن لدى الأطفال في الأغلب يكون السبب المناعي هو أشهر أسباب الإصابة، ويعتبر التهاب الكلى المناعيAcute Poststreptococcal Glomerulonephritis مع الإصابة بالحمى الروماتيزمية، من أشهر مضاعفات الإصابة المتكررة بالبكتيريا المكورة العنقودية - المجموعة A التي غالبا ما تصيب البلعوم واللوزتين في الأطفال، وذلك بعد نحو 3 أسابيع من انتهاء الأعراض والتحسن. وهو مرض حاد، ولكن يمكن الشفاء منه؛ غير أنه في بعض الأحيان يترك مضاعفات، ويمثل خطورة طبية كبيرة، ويكون الأطفال في الفئة العمرية ما بين 2 و12 عاما هم الأكثر عرضة للإصابة؛ ولكن ذروة الإصابات تكون في الأطفال بين عمر 5 و7 أعوام، وقد تراجعت الإصابة بالمرض في الدول المتقدمة بشكل كبير في آخر عقدين، نتيجة لتقدم الرعاية الصحية، وتبلغ نسبة الإصابة بالمرض نحو 400 ألف حالة على مستوى العالم سنويا.
أعراض الحالة
* في الأغلب تبدأ الأعراض في الظهور بعد نحو 3 أسابيع من الإصابة باحتقان الحلق واللوزتين بسبب البكتيريا العنقودية، ونتيجة لتلك الإصابة يقوم الجسم بتكوين أجسام مضادة، وعند التعرض مرة أخرى للميكروب نفسه يحدث التفاعل بين الميكروب والأجسام المضادة، وهذا التفاعل يتسبب في إطلاق مواد معينة تسبب التهاب الكلى، وتبدأ الأعراض في الظهور، وهناك 3 أعراض مميزة لالتهاب الكلى المناعي، وفى حالة وجودها جميعا تؤكد التشخيص، وهذه الأعراض هي:
- وجود دم في البول hematuria، الذي قد يكون بشكل ملحوظ، أو مجرد أن يكون البول غامق اللون، ويحدث هذا في نسبة من 25 إلى 60 في المائة من الأطفال المصابين، ويعطى لونا مميزا أقرب إلى لون الشاي الغامق، وفى أحيان نادرة لا يظهر الدم بالعين المجردة، ويكون وجود الدم بشكل ميكروسكوبي فقط.
- ظهور تورم Edema، وهو أشهر عرض في التهاب الكلى المناعي، ويحدث بنسبة تصل إلى 80 في المائة، وأحيانا يكون العرض الإكلينيكي الوحيد الموجود، وفى الأغلب يكون التورم بسيطا، ويبدأ وجوده في جفون العين خاصة في الصباح، وفى أحيان أخرى يمتد التورم ليكون عاما، ويتحكم في مدى انتشار التورم مدى إصابة حويصلة الكلى، فضلا عن كمية السوائل التي يتم تناولها بجانب كمية نقص الزلال في الجسم نتيجة لتأثر وظائف الكلى.
- ارتفاع ضغط الدم، يعتبر ضغط الدم المرتفع ثالث أهم علامة من علامات التهاب الكلى المناعي، ويتم تشخيصه إذا كانت القراءة الصغرى لضغط الدم أكثر من 90 ملم زئبق لدى الأطفال أقل من 10 سنوات، أو 100 بالنسبة للأطفال الأكبر من 10 سنوات. وفي الأغلب يتم شفاء ضغط الدم المرتفع خلال أسبوعين أو ثلاثة، ويحتاج الطفل بعد ذلك إلى متابعة للضغط نحو سنة، ثم بعد ذلك يمكن أن يتوقف عن تناول علاج مخفض للضغط.
بجانب هذه الأعراض، قد يعاني الطفل من اعتلال الصحة والشعور بالغثيان، أو آلام في البطن، أو ارتفاع طفيف في درجة الحرارة؛ ولكن هذه الأعراض غير مميزة للمرض.
مضاعفات الالتهاب
* في الأغلب يتم شفاء معظم الحالات في فترة وجيزة؛ ولكن في بعض الأحيان تحدث مضاعفات بالغة الخطورة مثل:
- ارتفاع ضغط الدم الدماغي Hypertensive encephalopathy وهو أمر شديد الخطورة، ويمكن أن يؤدى إلى الوفاة إذا لم يتم علاجه بشكل سريع وبوصفه حالة طوارئ، وتحدث هذه المضاعفات نتيجة للزيادة الشديدة في ضغط الدم، ونتيجة لتأثر الجهاز العصبي، يحدث صداع شديد وقيء واضطراب في الحالة العقلية، ويمكن حدوث فقدان للقدرة على الكلام، وكذلك يمكن حدوث فقدان للذاكرة ومشكلات في الرؤية وغيبوبة.
- اضطرابات في الجهاز الدوري نتيجة لتراكم السوائل في أعضاء الجسم وعدم مقدرة الكلى على التعامل بكفاءة مع كمية السوائل الزائدة.
- في أحيان نادرة جدا يمكن حدوث فشل كلوي حاد.
فحوص ضرورية
* يتم إجراء فحوص خاصة بالمرض، وكذلك فحوص خاصة للتأكد من وجود أجسام مضادة للبكتيريا العنقودية، ونسبة وجودها من خلال اختبار يسمى «ASOT»، وكذلك يتم إجراء اختبار سرعة ترسيب، ويمكن أيضا أخذ مسحة من الحلقة، وعمل مزرعة للميكروب.
كما يتم إجراء عدة تحاليل في الدم مثل؛ قياس وظائف الكلى ومدى كفاءتها التي يمكن أن تظهر ارتفاعا طفيفا في نسبة البولينا والكريتانين وهو ما يمثل اعتلالا بسيطا للكلى.
ويمكن عمل صورة دم كاملة، يمكن أن تظهر أنيميا طفيفة، وفى بعض الأحيان يمكن أن تكون صورة الدم طبيعية. كما يتم قياس نسبة بعض الأملاح في الجسم مثل البوتاسيوم والفوسفات، التي يمكن أن تزيد، ولكن ذلك لا يحدث إلا في حالات الاعتلال الشديد لوظائف الكلى.
ويتم عمل تحليل للبول، الذي يظهر أن كمية البول على مدار اليوم أقل من المعدل الطبيعي، وتوجد كريات دم حمراء كثيرة بالبول نظرا لوجود الدم بوصفه علامة مميزة للمرض، وكذلك يوجد بروتين بالبول Proteinuria وذلك لتراجع كفاءة الكلى، مما يجعل الجسم غير قادر على الحفاظ على البروتين، وبالتالي يفقد في البول.
ويمكن عمل أشعة تلفزيونية على الكليتين؛ ولكن في الأغلب تكون الأشعة طبيعية، ويمكن في بعض الأحيان ملاحظة زيادة طفيفة في حجم الكليتين.
الوقاية والعلاج
* يمكن الوقاية من المرض وتجنبه عن طريق العلاج الجيد للميكروب العنقودي، وعلاجه بشكل كامل بالمضادات الحيوية المناسبة، وفى حالة تكرار إصابة الطفل بالتهاب اللوزتين ينصح بإجراء جراحة لاستئصالهما.
أما علاج الالتهاب؛ فبالنسبة للحالات البسيطة التي لا تحدث بها مضاعفات، فيتم علاج الأعراض عن طريق التحكم في ضغط الدم المرتفع، ويمكن إعطاء العلاج عن طريق الحقن أو الأقراص على جرعات متساوية، وكذلك يتم التحكم في كمية السوائل التي يتناولها الطفل يوميا، بجانب كمية تساوى حجم البول في اليوم السابق. وبالنسبة للغذاء، يفضل أن يتناول الطفل كمية كبيرة من الكربوهيدرات، ويستحسن تقليل كميات الأملاح مثل الصوديوم والبوتاسيوم، ويستحسن أيضا التقليل من كمية البروتين اليومية.
في حالة وجود مضاعفات، يتم التوجه الفوري إلى المستشفى، ويتم التعامل مع ارتفاع الضغط الدماغي Hypertensive encephalopathy بوصفه حالة طوارئ، ويتم إعطاء الأدوية المخفضة للضغط عن طريق الحقن، وكذلك العقارات التي تعالج التلف الذي حدث في المخ، وفى الحالات النادرة التي يحدث فيها خلل شديد لوظائف الكلى ويؤدي إلى الفشل الكلوي الحاد، يمكن إجراء غسل كلوي بيرتونى.