عدد المساهمات : 8263 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 01/06/2012 العمر : 31 الموقع : منتدي خلاصة تجاربي
موضوع: الارملة والمعاناة مستمرة الإثنين سبتمبر 17, 2012 8:36 pm
المرأة الأرملة هي من فقدت زوجها أو عائلها في مرحلة من مراحل عمرها، لتتحمل وحدها المسؤولية، خاصة إذا كان لديها أولاد، لتقوم لهم بدور الأب والأم في نفس الوقت، لكن ليس كما يتصور البعض أن رحيل الزوج يعني نهاية الحياة، فمن حقها أن تعيش حياة كريمة، تتناسب مع حقوقها التي كفلها الدين الإسلامي الحنيف. ليست المسؤوليات التي تقع على عاتق المرأة الأرملة هي وحدها المشكلة، لكن نظرة المجتمع هي الأخرى تضيف أعباءً ومعاناةً ، لا سيما أن المرأة تشعر بأن كل المحيطين بها يحسبون عليها حركاتها وسكناتها. إن المرأة بصفة عامة تحتاج إلى العطف والحنان والرعاية، والأرملة على وجه الخصوص هي أشد احتياجاً للمعاملة الخاصة، التي تراعي ظروفها، وتحتاج إلى من يمد لها يد العون والمساعدة سواء من أقاربها أو المجتمع كله. الأرملة في الإسلام : الإسلام حث على حسن رعاية المرأة الأرملة، ودعا المجتمع أن ينظر لها نظرة إيجابية يجعلها تنخرط فيه، بدلاً من شعورها بالعزلة والوحدة، كي تقوم بدورها في الحياة، ورعاية أبنائها على أحسن وجه، وتمتلئ مجتمعاتنا العربية بنماذج مشرفة من الأرامل اللاتي ربين أولادهن التربية الدينية السليمة ووصلن بهم إلى أعلى الدرجات. إن المكانة العليا التي خص بها الدين الحنيف الأرملة تتجلى صورتها في مناسبات كثيرة، كما أن مساعدة الأرملة على قضاء حوائج الحياة لها فضل وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى يصل بها العبد إلى المراتب العليا، مصداقاً لما قال الرسول الكريم صلوات الله عليه في حديث أبي هريرة السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) رواه البخاري. الفضل العظيم الذي خص الله به من يقوم برعاية اليتيم هو جزء من تكريم الإسلام للمرأة الأرملة التي تعول أطفالاً، فقال النبي الكريم أنَا وكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ. وأشار بأصبعيه، يعني السَّبَّابة والوسطى). وأجاز الشرع زواج الأرملة بعد قضاء عدتها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، أو وضع حملها إن كانت حاملاً، خاصة إذا كانت في مقتبل العمر، ولديها أولاد يحتاجون إلى الرعاية، لتكمل حياتها في أسرة طبيعية، وتنأى بنفسها عن ما حرم الله. لكن للأسف الشديد ينهال على الأرملة سيل من الاتهامات والنظرات المشينة من قبل البعض عندما تفكر في الزواج، وهذه الأمور ليست من الإسلام في شيء، بل هي أقرب إلى العادات الجاهلية. ويمكن الرد على هؤلاء بأن المرأة التي يتوفى زوجها، فإنما هو بقدر الله سبحانه وتعالى، وكافة النساء معرضات لهذا الموقف، كما أنها قد تعودت على الحياة الأسرية بكافة جوانبها، فمن الظلم أن نطالبها باستكمال حياتها بدون عائل أو زوج، فهذه النظرة لا تمت للإسلام بصلة، وتتنافى مع مبادئنا الشرعية السمحة، التي لا تقبل المساس بحرية وكرامة المرأة، سواء كانت بنتاً أو أختاً أو زوجةً أو أماً. ولنا في الرسول الكريم أسوة حسنة، فجميع أمهات المؤمنين كن من الأرامل، باستثناء عائشة بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ التي تزوجها صلى الله عليه وسلم بكراً. بالإضافة إلى أن الإسلام شرع حقوقاً مالية للمرأة الأرملة من مال زوجها، ولا يجوز لأحد أن يأخذ أرثها بدون رضاها، وإن لم يكن لدى زوجها مال يكفيها لتأمين متطلبات الحياة، أوجب الشرع مساعدة كل أفراد المجتمع لها . نظرة البعض للمرأة الأرملة على أنها تفتقد الحنان والعطف نتيجة وفاة زوجها، وأنها سهلة المنال، يجعلها عرضة للابتزاز والمضايقات من قبل الكثيرين، وتمتلئ الصحف بأخبار عن تعرض الكثيرات منهن للتحرش، مما يزيد من معاناتها ويدفع بعضهن إلى الانعزال عن المجتمع خشية التعرض لمكروه. وبطبيعة الحال تتحمل الأرملة مسؤوليات كبيرة تجاه أسرتها، أشارت إليها الباحثة الاجتماعية هدى علاوي بقولها : " إن غياب أحد الوالدين إما بوفاة أو طلاق له الكثير من المردودات السلبية على الأطفال، فالمرأة عند فقدانها لزوجها تتضاعف عليها الكثير من المسؤوليات والالتزامات وأهمها توفير الاستقرار النفسي والمادي لأبنائها، فالرجل الصالح يعتبر هو الركيزة الأساسية لبناء الأسرة ، وفقدانه يؤدي الى حالة من عدم الاستقرار النفسي والفكري والمادي. وهنا تكمن المسؤولية الكبرى للزوجة فهي التي تستطيع أن تحتوي أبناءها في ظل الظروف الاجتماعية التي قد تعيشها في منزل أسرتها، أو في منزل مستقر بها من خلال توطيد علاقتهم مع ربهم أولاً، ثم تربيتهم على المحبة بينهم ، وزيادة ثقتهم بأنفسهم من خلال تحميلهم بعض المسؤوليات خاصة لمن هم في مرحلة المراهقة ، مع ضرورة الاستعانة برجل قريب لأبنائها سواء عم أو خال تثق به ليتقرب من أبنائها ويراقبهم خارج المنزل ومعرفة مع من يذهبون. مشيرة إلى أن مسؤولية الأم تزداد كلما كان المجتمع الذي حولها يسيء معاملة أطفالها الأيتام؛ لا سيما ممن يجهلون بعض تعاليمنا الإسلامية التي تدعو الى رعاية اليتيم والجزاء الذي يقابله فكيف إذا كان هذا اليتيم ابن ابنتهم الأرملة. جهود المملكة لرعاية الأرامل : خادم الحرمين الشريفين والحكومة السعودية لم تدخر وسعاً في الارتقاء بمكانة المرأة بصفة عامة، حتى تقوم بدورها الأسري والتنموي، وتحاول جاهدة تذليل كافة الصعوبات التي تعترض حياة الفئات الخاصة من النساء، وأبرزها الأرامل. مجلس الشورى اتخذ قراره منذ خمس سنوات بجواز قيام وزير الداخلية بمنح الجنسية السعودية، للأرامل الأجنبيات المتزوجات من سعوديين، وهذا يؤكد على حرص المملكة على تمتع هؤلاء الأرامل بحقوقهن القانونية والشرعية، أسوة بمثيلاتهن من نساء المملكة.
وتعمل وزارة الشئون الاجتماعية عبر مكاتبها المنتشرة في 94 منطقة تغطي كافة أنحاء المملكة، على تقديم خدمات الضمان الاجتماعي للأرامل، وتقديم يد العون لهن، للتيسر من ظروفهن ورعاية أبنائهن، إذ أشارت آخر بيانات الوزارة إلى أن الأرامل يمثلون 34% من المستفيدين من برامج الضمان. وفي ذات السياق، فقد أقر مجلس الوزراء مؤخراً مشروع الضمان الاجتماعي الجديد، الذي لا يقتصر فيه الانتفاع على المواطنيين السعوديين فقط، وإنما يشمل أرملة السعودي التي لها أولاد منه، وأبناء الأرملة السعودية من زوجها الأجنبي، إضافة إلى الأرامل ذوات الأيتام. وحدد النظام مقدار المعاش السنوي للمستفيد الأول بمبلغ 9400 ريال، ويزاد 3100 ريال لكل فرد إضافي، على ألا يتجاوز مقدار ما تتقاضاه الأسرة المكونة من ثمانية أفراد مبلغ 31100 ريال سنوياً. كما أصدر خادم الحرمين الشريفين أوامره الملكية برفع الحد الأدنى لعدد أفراد الأسر التي يشملها الضمان من 8 إلى 15 فرداً، بتكلفة تصل إلى ما يقرب من مليار ريال. هموم ومعاناة : وعلى الرغم من تلك الجهود الحثيثة، هناك شكاوى عديدة من الأرامل تطالب بزيادة قيمة المساعدات، خاصة اللواتي ليس لهن عائل ولا سكن، خاصة مع ارتفاع أسعار الإيجار وكلفة الحصول على مستلزمات المعيشة. وتطالب حقوقيات سعوديات بأن يتم تخصيص جهة رسمية محددة للاهتمام بشئون الأرامل، لمساعدتهن في ظروفهن الخاصة، ومساعدتهن في الحصول على إرثهن من أهل أزواجهن، خاصة أن ساحات المحاكم السعودية تزدحم بالعديد من هذه القضايا التي تستمر لشهور وربما لسنوات، لاسيما مع تعنت بعض من أهل الزوج في حصول الأرملة وأبنائها على حقوقهم الشرعية المالية من ميراث الزوج. ويطالبن أيضاً بإعداد برامج تأهيلية للأرملة للانخراط في المجتمع، وتبني برامج توعوية وتثقيفية لأفراد المجتمع لتغيير تلك النظرة المجتمعية المتدنية للمرأة الأرملة، وتوفير فرص العمل المناسبة لهن. فيما أشارت المستشارة القانونية أسماء الغانم إلى أن نظام العمل السعودي حدد 15 يوماً فقط للأرملة مع أن ذلك يخالف ما جاءت به الشريعة التي حددتها عدة الأرملة بـ 130 يوماً، مشيرة إلى أن هناك بعض الشركات تعطي الموظفة إجازة أربعة أشهر وعشرة أيام إلا أن كيفية حساب هذه الإجازة غير واضح، لافتة إلى أن هذا البند من بنود الإجازات في نظام العمل محل تساؤل لدى شريحة الموظفات. ونظراً لتأخر بعض الأحكام الخاصة بنفقة الأرملة وأبنائها، يُوصي العديد من المحامين بضرورة إنشاء صندوق لإعانتها العاجلة، حيث إن الكثيرات منهن لا يمتلكن الموارد المالية الكافية لانتظار وقت طويل، حتى صدور الأحكام القضائية. المطلوب أن تقوم كافة جهات الدولة ومؤسساتها بمساعدة الأرامل مادياً ومعنوياً، وحل كافة المشكلات التي تواجههن وتيسير السبل عليهن، مراعاة لظروفهن الخاصة وإحساسهن بالوحدة والمسؤولية عن تربية الأبناء تربية صالحة، وعلى المجتمع أن يغير نظرته المغلوطة للأرامل، اللاتي لم يقترفن أي ذنب سوى وفاة أزواجهن، وأن يبادر الجميع إلى مساعدتهن ابتغاء مرضاة الله، حتى يحصلوا على الأجر والثواب والعظيم .