هي ، أبدا لم تحب سواه ..
هو ، أبدا لم يفكر في غيرها ..
أحب كل واحد منهما الآخر ، حبا صامدا ، في إباء ، وكبرياء ، وعناد .
وبسبب الفقر ، رأس المشاكل ، وأس الأزمات ، باعدت بينهما الحياة ، بكل قسوتها ، وضراوتها ، وأقدارها العجيبة .
هي ، بحثت عن المال ، بطريقتها الخاصة ؛
لتنقذ نفسها من الحيرة ، والضياع ، والعذاب المر ، أو بالأحرى لتنقذ ذاتها
المجهولة .. فلم تفلح .
وهو ، بحث بدوره عن المال ، بطريقته الخاصة أيضا ؛ ليثبت إنسانيته المهدرة ، وكرامته المحطمة .. فلم ينجح أيضا .
وبعد سلسلة من الأحداث الرهيبة ، والغريبة
، وكثير من المواقف الصعبة ، والقاسية ، في عالم مروع ، قاس أشد ما تكون
القسوة ، تجرد ناسه من القيم الفاضلة ، والمشاعر النبيلة ، والعواطف
السامية ، لا يعرفون الرحمة ، والطيبة ، والتكافل ، والتضحية ، والعطاء ،
ولا يعترفون إلا بالمادة ، وأصحاب المادة ، أو بتعبير أدق إلا بالمال ،
الذي يسلكون في سبيله جميع الدروب ، ويطرقون كل الأبواب ، وحتى النوافذ ،
على حساب الحياء ، والشرف ، ومكارم الأخلاق ... وإنك تجد نماذج كثيرة منهم
على امتداد الرواية .
وبعد كل هذا العناء ، والكدح ، والصراع ،
يلتقي الحبيبان ، ويتعرفان من جديد ، ويكتشفان حقيقة نفسيهما الخاليتين من
الرذائل ، والعيوب الكبيرة ، الصافيتين من الأدران والأقذار . ولا يجدان في
نهاية الرحلة الطويلة غير آثار حب قوي ، وعنيد ، جدد كل ما كان بينهما ،
في الماضي ، من أماني ، وأحلام ، وطموح كبير إلى اللقاء ، والتوحد الروحي
والجسدي ، ونزوع قوي نحو السعادة المشتركة ...
وهكذا التقى ( الروبيو ) و( لويزة ) ،
وهما كبيرين ، يجمعهما حب كبير ، أعطى لهما ما كان يصبوان إليه ، منذ أن
كانا صغيرين ، فقيرين ، في القرية : المال .. الصحة .. الأمان ..
الاستقرار.. والسعادة .
ولكي تخرج بنفسك بهذه الخلاصة ، التي خرجت
بها أنا ، فما عليك إلا أن تقرأ ( ملكة جمال البحر الأبيض المتوسط ) ؛ فهي
قصة جديرة بالقراءة ، ولو أنها عمل فني بسيط ؛ لأن صاحبها ( مصطفى الحسني )
هو إنسان بسيط ، لم يقصد من وراء كتابتها ، ونشرها ، إلا أهدافا بسيطة ،
رأى أن الناس ، في هذا الزمان السيئ ، بدءوا يحيدون عنها ، وينسونها ،
وتغيب عن أذهانهم وضمائرهم ، وتختفي من حياتهم ، وأولها : الحب ، والخير ،
والرحمة ، والإنصاف ، والفضيلة عموما ، التي ما أن تسود بينهم ، وتصطبغ
روابطهم الأسرية ، والإنسانية ، وتطبع علاقاتهم الاجتماعية ، والشخصية ،
حتى يعيشون في ثبات ونبات ، ويحيون في أمن ، وأمان ، وفرح ، وسعادة . فما
أعظم هذه الأهداف البسيطة !!
والبساطة ـ كما يقول الأديب الفنان يحيى
حقي (1992/1905) ـ هي الشرط الأول لكل جمال روحي . فلكي يتعاطف القراء مع
البطل يجب أن يروا فيه عيوبهم ومزاياهم على السواء ؛ المزايا الممكنة ،
والعيوب التي لا مناص منها ...
إن فكرة الرواية موفقة ، فقد لا تجئ الرواية عملا يتصف بالكمال ، ولكنها ستكون كتابا مفيدا حسنا في كل حال .