هذا المقال هو عبارة عن بحث اقدمه واشكر الزملاء الذين تععبو من اجل هذا الموقع
التصرفات الواردة على جسم الإنسان
المبحث الأول :التصرفات الطبية الحديثة الواردة على جسم الإنسان و تأثيرها على نطاق الحماية الجنائية للجسم
إن معالجة تأثير التصرفات الطبية الحديثة و مدى حرية
إعمالها على جسم الإنسان يتعلق أساسا بنطاق الحماية الجنائية للجسم البشري’
وبالرجوع إلى معظم التشريعات الوضعية وكذا أحكام الشريعة الإسلامية فإننا
نجد إنها تحاول الحد من حرية التصرف في جسم الإنسان بوضع هذه التصرفات ضمن
إطارها الشرعية ’وذلك بإقرار بعض هذه التصرفات من جهة مثل عمليات نقل وزرع
الأعضاء البشرية’ وعمليات التلقيح الاصطناعي ’ووضع قيود وضوابط للقيام بها
من جهة أخرى.لذلك ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب نتناول في
المطلب الأول عمليات نقل وزرع الأعضاء وفي الطلب الثاني عمليات التلقيح
الاصطناعي’ ونصل في الأخير إلى ما يسمى بعمليات الاستنساخ البشري في مطلب
ثالث وما تثيره من إشكالات
المطلب الأول:عمليات زرع ونقل الأعضاء
تعد هذه العمليات من بين أهم التصرفات الطبية التي توصل
إليها العلم الحديث والتي لا تزال تنال اهتمام رجال القانون ’ خاصة إذا ما
تعلق بمدى حرية الأطباء في إعمالها وهل هناك قيود تنظيمية وقانونية مفروضة
للقيام بها , سيما إذا علمنا إن معظم التشريعات الحديثة تبيح هذه العمليات
’وقد ارتأينا تناول هذا الموضوع ضمن ثلاث نقاط أساسية أولها تحديد أسباب
إباحة نقل وزرع الأعضاء ’وثانيا تحديد موقف المشرع الجزائري من عمليات نقل
وزرع الأعضاء’ وفي الأخير تبيان موقف الشريعة الإسلامية من عمليات نقل وزرع
الأعضاء [1]
الفرع الأول:أسباب إباحة عمليات نقل و زرع الأعضاء
إن الأصل في إباحة ما لم يوجد نص يجرم الفعل و يفرض له
جزءا معينا كتحريم بعض الأفعال للمصلحة العامة كونه اخل بمصلحة المجتمع
كحفظ السكينة العامة أو النظام العام ’ غير ان المصلة التي يرى المشرع أنها
جديرة بالحماية عن طريق تجريم بعض الأفعال الماسة بها قد تزول بسبب الظروف
الملابسة للفعل والتي تنفي عنه الصفة الإجرامية فتجعله مباحا أحيانا بل
ضروري القيام به ’وعليه تنتفي المسؤولية المدنية والجنائية.كما قد يقتضي
الأمر إخضاع جسم الإنسان لعمليات اقتطاع لأعضائه تؤدي إلى المساس بجسمه ومع
ذلك تخرج عن دائرة التجريم حول سبب إباحة اقتطاع الأعضاء ’فمنهم من قسمها
الى أسباب خاصة بالمريض ’ ومنهم من قسمها إلى أسباب خاصة بالطبيب.
ا/الأسباب الخاصة بالمريض وتتمثل في :
1 رضاء المريض :يرى جانب من التشريع وكذا الفقه وان رضاء
المريض هو سبب خروج عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية من دائرة الإباحة
’سواء كان الرضاء صريحا أو ضمنيا يفهم من ظروف الحال ’غير إن ما يمكن قوله
عن هذا الرأي الحق في سلامة الجسد هو من الحقوق الغير قابلة للتصرف فيها
لان مصلحة المجتمع فيها هي الغالبة على مصلحة الفرد ’و ينبغي على ذلك إن
هذا الرأي يتناسى إن حق الفرد على جسمه ليس حقا فرديا فقط وإنما هو حق
اجتماعي أيضا ’ وبالتالي فالشخص لا يحق له التصرف في جسده على الوجه الذي
يمس اتفاق المجتمع . ولذلك فان رضاء المريض متى كان بتصرف قد يمس سلامة
جسده فانه لا يعد سببا للإباحة غير انه لا يختلف اثنان على ان سلامة جسم
الإنسان من النظام العام و حماية هذا الجسم تستدعيه مصلحة المجتمع ومع ذلك
فانه لا يمكن الاعتداء بالمساس والتصرف بجسم الإنسان دون رضا هدا المريض [2]
2 حالة الضرورة :والضرورة هي الحالة التي يكون عليها
الشخص عندما يواجه خطرا ولا يستطيع إبعاده أو تلافيه إلا بارتكاب أفعال
مجرمة بموجب نصوص القانون اما في مجال إباحة أفعال التصرف في جسم الإنسان
بنزع أعضائه ’ فالضرورة هي حالة الموازنة بين اخف الضررين إذا يجد الطبيب
نفسه في حالة اختيار بين ترك الإنسان يموت أو الاعتداء على سلامة جسمه
لإنقاذه .فالطبيب هنا يكون واقعا تحت تأثير إكراه معنوي انشاته حالة
الضرورة ودفعته إلى إتيان فعل مجرم من اجل إنقاذ حياة المريض وهو ما حدث
فعلا في فرنسا حين قام طبيب باستعمال كليتي فتاة لزرعها لشقيقها التوأم
الذي كان يعاني من فشل كلوي حاد وقاتل (قصور كلوي ).غير أن الدعوى المرفوعة
ضد الطبيب حفظت على أساس انه غير مسؤل جزائيا ’لأنه كان واقعا تحت تأثير
حالة الضرورة التي دفعته الى مخالفة نصوص القانون على الرغم من أن قانون
العقوبات الفرنسي لم يتضمن إي نص لبيان مفهوم حالت الضرورة و تحديد شروطها .
وتجدر الاشاة أن هناك اتجاهين في تحديد الطبيعة القانونية
لحالة الضرورة ’فمنهم من اعتبرها سببا من أسباب الإباحة على أساس إنها
تكون ضغط أو تأثير على إدارة الجراح ’ و منهم من اعتبرها مانع من موانع
المسؤولية كونها تعدم إدارة الشخص وتضعه في موقف يفقد فيه الاختيار إلى حد
كبير . غير أن ما يمكن قوله في هذا الصدد انه لا يجب تجاهل الشخص المتنازل
أو المأخوذ منه العضو ’ والذي يظل أنسانا سليما ولا يمكن التصرف في جسمه
بالصورة التي يمكن ان تسبب له عجزا أو تؤدي إلى وفاته . لذلك فان مسؤولية
الجراح تظل قائمة بحسب احتمالات النجاح أو الفشل ’فإذا كانت نسبة النجاح في
الحالات العادية عالية ومع ذلك فشل الطبيب فانه يسال عن ذلك [3]
ولذا فان تبني حالة الضرورة كأساس لإباحة اقتطاع الأعضاء
يخضع اشرط الموازنة بين ما يتعرض له المعطي من مخاطر مجهولة في حالة التصرف
بإحداث التعديل أو التغيير في جسمه ’وبين ما قد يصيب المريض .لذلك وجب
توافر الشروط الآتية للقول بوجوب حالة الضرورة :
*وجود خطر محدق يتطلب استئصال العضو .
*ان يكون نقل ذلك العضو هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياة المريض.
*ان لا يؤدي الاستئصال إلى المعطى أو إصابته بضرر بالغ .
*مراعاة مدى تجانس خلايا المعطى و المزروع له حتى لا يتم طرد هذه الخلايا [4]
ب/الأسباب الخاصة بالطبيب : وتتمثل في :
1/انتفاء القصد الجنائي لدى الطبيب : يعبر هذا الاتجاه
على إن انتفاء القصد الجنائي لدى الجراح هو سبب إباحة اقتطاع الأعضاء
البشرية على اعتبار إن إرادة الطبيب يفترض أن لا تتجه إلى الإضرار بصحة
المريض وسلامة تكامله الجسدي ’وإنما تهدف إلى تخليصه من آلامه ومعاناته
وبذلك فهو يدرك مسبقا نتائج عمله . ومع ذلك القصد في شفاء المريض قد يوقعه
في محنة سواء التقدير [5]
وما يمكن قوله هذا الآي انه لا يفرق بين القصد والباعث
’وهذا الأخير الذي مهما كان شريفا ونبيلا فهو ليس ركنا من أركان الجريمة
او عنصرا من عناصرها ’ فقصد الطبيب في شفاء المريض لا يمنع من مساءلته
طالما أدى تصرفه إلى المساس بحرمة الكيان الجسدي ’لان المسؤولية تقوم على
عاملي العلم و الإرادة [6]
إضافة إلى أن قصد الشفاء هو مبرر عام قد يستفيد منه أي إنسان حتى من لا صلة له بالطلب .
2/الترخيص القانوني :يستند هذا الاتجاه إلى أن أساس إباحة
التصرف في جسم الإنسان هو ترخيص القانون ’فعدم مساءلة الطبيب عما يسببه من
إضرار أثناء أدائه لأعماله مرده القوانين التي تنظم مهنته ’والتي خولت
للأطباء إجراء ما يرونه مناسبا و يؤدي غرضه العلاجي .و أزاح عنهم عبء
المسؤولية عما يمكن ان يعد من هذه الإعمال –لو قام غيره-داخلا في حيز
الاحترام و الاعتداء
وترى أغلبية التشريعات أن الأطباء بصفتهم يستمدون من
الدولة الحق في استعمال جميع الإمكانات والوسائل الجارية للعمل بها للعناية
بالمريض . وتجد الاشراة في هذا الصدد أن التشريعية الإسلامية اتجهت إلى
أن أسباب إباحة الأعمال الطبية هي توافر شروط معينة تتمثل في أن يكون من
يقوم بها (أي المعالج ) بصيا متعاطيا لأمور الطب . و المراد بالبصير هو من
يعرف العلة و دواها ويكون قد تلقى ومارس أعمال الطب مرتين على الأقل فأصاب ’
ولا يكفي الأخذ من الكتب كما في سائر العلوم الطبية و الطبيب الحاذق ’
تجب فضلا على علاج الأبدان وان يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح .
الفرع الثاني :موقف الشريعة الإسلامية من زرع ونقل الأعضاء
ان الفقهاء متفقون على انه لا يجوز في غير حالة الحرب
الاعتداء ولو عند الاضطرار على حياة الإنسان .وكذلك نرى انه لا يجوز
استئصال عضو من إنسان يوشك أن يموت كالعين والقلب لإعطائه إلى أخر تحت ستار
الضرورة والرحمة المزعومة بالإنسانية ’إذا إن أجزاء الإنسان ليست مملوكة
له ’ ولا يمكن القطع بموت المريض إذا انه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه
وتعالى ’ لذلك رأينا الكثيرين من أطباء العالم يعلنون إن عملية نقل وزرع
الأعضاء لا تتفق مع الأخلاق و القيم لما فيها من تحقيق منفعة غير مضمونة
النتائج غالبا على حساب مصلحة وحياة إنسان أخر ’لكن إذا تأكد الطبيب المسلم
الثقة العدل إن الذي سيأخذ قلبه أو كليته أو عينيه سيموت حتما ’جاز نقل
العضو لشخص أخر في حالة الضرورة ألان الحي أفضل من الميت ’ورعاية المصالح
أمر مطلوب شرعا ’وحقيق نفع للآخرين مندوب إليه في الإسلام و الضرورات تبيح
المحظورات ’ ولأنه يترتب على النقل إنقاذ مريض بالقلب اة إعادة البصر إليه ’
توفير الحياة أو البصر نعمة عظمى مطلوبة شرعا ويجوز التشريع لإغراض
تعليمية أو لمعرفة سبب الوفاة ا واثبات الجناية على متهم عملا بما أباحه
المالكية و الشافعية والحنفية ’وشق بطن الميت لإخراج مال غيره الذي ابتلعه
إذا تعذر تسديد التركة وكان المال كثيرا .[7]
فالغالب في الشريعة الإسلامية هو أخذها بإذن المشرع الذي يعادل ترخيص القانون
’بالإضافة إلى إذن المريض ’ إذا لا يكفي احدهما لتبرير الأخر ’ وإنما وجب توافر الاثنين معا[8]
والعلة من ربط إذن المريض بإذن الشارع هو بعض القيود و
الضمانات على المعالج والتي مفادها حماية المريض في صحته و جسمه و التي من
بينها قصد العلاج فلا يجوز أن تتجه إرادة المعالج إلى غرض أخر و إلا قامت
مسؤوليته الجزائية هذه الأخيرة التي لا تجد لها أساسا في حالة توافر
الاثنين معا وهذا تطبيق للقاعدة الشرعية الكلية والتي مفادها بان الجواز
الشرعي ينافى النظام ’ فإذا فعل الشخص ما يجوز شرعا فلا يسال عما نتج عن
قيامه بإعماله وان سبب ضررا [9]
وفي هذا يقر فضيلة الشيخ الصاوي كبير الوعاظ بوزارة
الشؤون الدينية و الأوقاف بدولة الآمرات المتحدة بان مشروعية نقل الأعضاء
من الإحياء إلى الأموات بقصد علاجهم مرجعه قواعد فقهية ثابتة جاء بها
المشرع تتمثل في جلب المصلحة أولى من درء المفسدة والحي أولى من الميت و
الضرورات تبيح المحظورات .[10]
الفرع الثالث:موقف المشرع الجزائري فيما يتعلق بعمليات زرع ونقل الاعضاء :
ساير المشرع الجزائري جل التشريعات العالمية فيما يتعلق
باباحة التصرف في البشرية مستندا في اباحة هذه التصرفات الى ترخيص القانون
فقط ’ اذ تنص المادة -197- من قانون الصحة و ترقيتها على انه :" تتوقف
ممارسة مهنة الطبيب و الصيدلي و جراح الاسنان على رخصة يسلمها الوزير
المكلف بالصحة بناء الشروط التالية
يلزم على الطالب لهذه الرخصة ان يكون
حاصللا على شهادة دكتوراه في الطب او جراح اسنان او صيدلة او شهادة اجنبية
معترف بها )
يتضح من خلال هذه النصوص ان المشرع الجزائري يستند الى
اباحة نقل وزرع الاعضاء الى الترخيص القانوني الذي يصدره وزير الصحة ’
وعليه فان هذا السند يدخل فيما ياذن به القانون . فالترخيص القانوني هو
الاساس الوحيد الذي يستطيع الطبيب بواسطته تبرير كل التطبيقات والتصرفات
الماسة بجسم الانسان كاحدى تطبيقات الاباحة استعمالا للحق [11]
وقد يقوم بعمله دون ادنى خطا مادي او تقني او فني ومع ذللك يسال بموجب
المواد -264-266- وما يليهما من قانون العقوبات التي تعاقب على جرائم الضرب
’ ذلك لان فعل الطبيب في هذه الحالة قد وقع باطلا من بدايته وما يبنى على
باطل فهو باطل .
نخلص الى ان المشرع الجزائري يستند الى ترخيص القانون في
اباحة تنظيم عمليات اقتطاع الاعضاء ’ اخذا بما نصت عليه جل التشريعات
المقارنة[12]
ويجد القول ايضا ان المشرع الجزائري شانه شان باقي
التشريعات نظم عمليات اقتطاع الاعضاء بفرض قيود تنظيمية على المؤسسات
الصحة ’وكذا على الاطباء القائمين بهذه العمليات ’ واخرى قانونية لتجنب
التعامل التجاري بالاعضاء .
وتتمثل القيود التنظيمية المفروضة على المؤسسات الصحية في
حصر قانون الصحة المراكز الصحية المرخصة لممارسة نقل وزرع الاعضاء في
المستشفيات [13] اضافة الى
\لك فقد فرض قانون الصحة على المؤسسات الصحية الحصول على الترخيص لممارسة
عمليات نقل الاعضاء البشرية’ اذا وجب على هذه المؤسسات ان تتمتع بما يلي :
اللجة الطبيو المنصوص عليها في المادة 167 من قانون 85/05
والمكلفة باثبات حالة الوفاة للشخص المعرض لاستئصال اعضائه ضمن الشروط
المذكورة بالنصوص القانونية ةكذا التاكيد من عمليات اعادة ترميم الجثة و
يشطرط تمتع هذه اللجنة بكفاءة خاصة و وسائل تقنية وتكنولوجية والتي تمكن من
التحقق من حدوث الموت على وجه اليقين كما اشترط ضرورة تبرير هذه المؤسسات
لعمليات الاستئصال لما يءوفر السلامة للمتبرع والمتلقي ’ بمعنى ان يكون
الهدف علاجي ’ وفتح سجل خاص تدون فيه اللجة ما قامت به من اعمال وما توصلت
اليه من نتائج [14]
اما القيود المفروضة على الاطباء ’ فان الامر يتعلق
بالقائمين بهذه العمليات حتى تتوفر الاستقلالية لتحديد لحظة الوفاة وحماية
المتبرع ’ ولذلك تضمن القانون 90/17 لسنة 1990 حضرا على الاطباء الذين
يعاينون ويثبتون وفاة المتضرر من ان يكونو من بين المجموعة التي تقوم بزرع
العضو للمريض
اذ نصت المادة 165 فقرة اخيرة من قانون الصحة :لا يمكن
للطبيب الذي عاين و اثبت وفاة المتبرع ان يكون من بين المجموعة التي تقوم
بعملية الزرع .[15]
كما يفرض عليهم احترام اهداف الاقتطاع ورغبة المتوفي ’ و
الا عدى ذلك اعتداء على حرمة الجسد وحرمة الجثة ’ اذ تنص المادة -164- من
قانون الصحة " و يجوز النقل اذا عبر المتوفي اثناء حياته على قبول ذلك "غير
انه يمنع على الاطباء الانتزاع اذا عبر المتوفي اثناء حياته كتابيا على
عدم رغبته في زرع اعضائه وهذا ما عدا حالتين اوردتهما المادة السابقة
المعدلة حيث يجوز لهم الاقتطاع دون موافقة المتوفي ولا افراد عائلته ’
البمادة على ما يلي *غير انه يجوز انتزاع القرينة و الكلية بدون الموافقة
المشار اليها في الفقرة الثانية اذا تعذر الاتصال في الوقت المناسب باسرة
المتوفي و ممثليه او اذا كان التاخير من اجل الانتزاع يؤدي الى الى عدم
صلاحية العضو مضوع الانتزاع كما يمنع على الاطباء انتزاع اعضاء من القصر او
الراشدين المحرومين من قدرة التمييز ومنهم مصابين بامراض من طبيعتها ان
تضر بصحته مستقبلا ’ وقد فرض عليهم القانون ضرورة تحرير محضر بالعملية تحمل
في طياته تقريرا مفصلا كليا و شاملا عن العملية ’ و ملاحظات الاطباء عن
حالة الجسم و عن الاعضاء المقطعة ’ و يحظر الطبيب الشرعي لدى المحكمة بصفة
مباشرة لضمان عدم تزويره فيما لو حصل نزاع بعد ذلك .
اما القيود القانونية لمنع التعامل التجاري للاعضاء فقد ساير المشرع الجزائري في ذلك اغلب التشريعات التي اخذت بمبداين اساسيين هما :
1/مبدا مجانية التصرف :اذا
تجمع كل التشريعات بما فيها التشريع الجزائري على تجريم الاتجار بالاعضاء
بوجه عام بما فيها التوصيات والقرارت التي تستنكر وتدين كل اشكال الاتجار
بالاعضاء والتي تاكد ضرورة اتسام هذه التصرفات بالطابع الخيري ’ وان وقع
خلاف حول مبدا مجانية التصرف اذ يرى هذا الاتجاه ان وجود المقابل المادي لا
يعني بالضرورة خروج الجسم الى عالم الاتجار ولا يهدد القيم الانسانية .[16]
2/مبدا سرية التصرف :يعتبر
هذا المبدا من اهم ضمانات المبدا السابق ’ وذلك ان مبدا السرية يعمل على
منع التفكير في الاتجار بالاعضاء البشرية او أي ابتزاز مادي قد يقع على
المرضى او اهاليهم غير ان مبدا السرية محدود المجال خاصة في نقل وزرع
الاعضاء بين الاحياء خاصة بين افراد نفس العائلة ’ و بذلك فيمكن وضع حد
هذا المبدا خانة الاستثناء .
ومع ذلك يبقى في راينا مبدا السرية الوسيلة الانجح
للحماية من الاتفاقات التي قد تقع على الجسم سيما وان جل دول العالم خاصة
الجزائر تعاني من نقص كبير في الاعضاء القابلة للزرع .
والملاحظ في الاخير ان المشرع الجزائري ’ ورغم نصه على كل
هذه الاحكام المتعلقة بزرع ونقل الاعضاء البشرية ’ الا انه لم ينص على
الجزاء المترتب عل مخالفة احكام هذه النصوص ’ هو الامر الذي يدفع القاضي
الجزائري في حال ما اذا واجهته قضايا دقيقة من هذا النوع الى تطبيق احكام
قانون العقوبات المتعلقة بجرائم التعدي والتي تتسم بالعمومية ولا تحقق
الحماية القانونية الكافية للضحايا
[1] احمد شرف الدين "زراعة الأعضاء البشرية "مجلة الحقوق
والشريعة ’جامعة الكويت ’السنة الأولى’ العدد الأول والثاني ’ط2يناير
1977’ص:188
[2]احمد شرف الدين ’ المرجع السابق ’ص/:119
[3]احمد شرف الدين, المرجع السابق ’ ص:120
[4]د-سعيد عبد السلام "مشروعية التصرف في جسم الإنسان " مجلة مصرية ’العدد الأول ’ 14’اذار 1971 ص:112
[5]د-مروك نصر الدين ’الحماية الجنائية للجسم ’المرجع السابق ’ ص :120
[6]المرجع نفسه :ص:265
[7]وهبة الزحيلي ’نظريةالضرورة الشرعية مؤسسة الرسالة ط-5’سنة 1418ه/1997م ص:81.
[8]الشيخ احمد حماني ’منشورات وزارة الشؤون الدينية ’ ج1’ط-1993 ’ص:436
[9]يقر الشيخ د-القرضاوي و الشيخ محمد طنطاوي بان
اعطاءالهدايا التشجيعية والمكافات التقريرية للمتبرع امر جائز شرعا وفي دلك
يقول القرضاوي وهذا عمل جائز و محمود و من احكام الاخلاق ونظير المقرض عند
رد القروض و يقول اذا كان المتبرع له قدم هدية للمتبرع له فهذا لا باس به
بدليل قوله ص ( اذا حييتم بتحية فحية باحسن منها )
[10]د-مروك نصر الدين :المشاكل القانونية التي تثيرها عمليات نقل وزرع الاعضاء ’زراعة الاعضاء البشرية ص :41
[11]مروك نصر الدين "زرع الكلية في القانون الجزائري "
حوليات جامعة الجزائر العاصمة ’العدد12 ’محاضرة القيت على طلبة بعد التخرج
بادارة اعمال المؤسسات الاستشفائية يوم 4/5/1998 ’بالمدرسة الوطنية للاعمال
الطبية ص :145
[12]مروك نصر الدين ’زراعة الاعضاء البشرية ’ المرج السابق ص 76
[13]نفس المرجع
[14]المادة 164 من قانون 85/5 المعدل بقانون 90/17 ’ 13 يوليو 1990 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها
[15]احمد شرف الدين ’ المرجع السابق ص 140
[16]احمد شرف الدين ’ المرجع السابق ص 140