حذر وترقب داخل مجتمع الأعمال بعد تذبذب أسعار سوق صرف النقد الأجنبي خاصة الدولار والتي تميل إلي الزيادة النسبية قال الخبراء إن هذا التذبذب يربك الاستثمار ويؤجل اتخاذ القرارات المناسبة في الصناعة والتجارة خاصة الاستيراد والتصدير.
قال الخبراء إن زيادة الدولار لا يكون في مصلحة الاقتصاد خلال المرحلة القادمة خاصة في الوقت الراهن والذي يعاني فيه اقتصادنا من مشاكل كثيرة ساهمت في زيادة الاستيراد وتراجع الإنتاج المحلي نتيجة للوقفات الاحتجاجية والاعتصامات.
اقترح الخبراء ترشيد الاستيراد وزيادة الإنتاج بهدف التصدير الأمر الذي يؤدي إلي تنمية الموارد من النقد الأجنبي هذا بجانب ضرورة تنمية موارد العاملين بالخارج وتعظيم الاستفادة من قناة السويس ومواردها.
المهندس إبراهيم حيدو عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية يقول إن ما يحدث داخل سوق صرف النقد الأجنبي المحلي يمثل ظاهرة غير صحية لأسباب عديدة أهمها تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار موضحاً أن الأمر يحتاج إلي حلول عاجلة قبل فوات الأوان حيث هناك اتجاه بزيادة سعر الدولار خلال الفترة القادمة وفقاً لآليات العرض والطلب موضحاً أن السوق المحلي يعاني من أزمة كبيرة وهي تراجع الإنتاج المحلي ليحل محله المستورد الذي يمثل ضغطاً علي النقد الأجنبي من الدولار.
أضاف حيدو أن هناك اتجاهاً من البعض لزيادة السلع كرد فعل طبيعي علي زيادة الضغط والطلب علي الدولار.. قال حيدو إنه لا بديل عن زيادة الإنتاج وترشيد النفقات.
ترقب وحذر
المهندس أحمد السلاب عضو اتحاد الغرف التجارية يقول إن من الملاحظ في الفترة الأخيرة يوجد زيادة تدريجية في سعر الدولار وللأسف لا يشعر به أحد حتي الآن والاستمرار في ذلك وستكون هناك عواقب وخيمة علي الميزان التجاري المصري وارتفاع أسعار السلع في السوق المحلية. وقال السلاب إن التأثير السلبي لا يتوقف علي زيادة الأسعار فقط وإنما يمتد إلي إرباك المعاملات التجارية وإحداث حالة من الركود العام داخل الأسواق محذراً من ظهور ظاهرة الدولرة التي تؤدي في النهاية إلي خلق سوق سوداء للدولار.
أضاف السلاب أن الأمر يحتاج إلي ايجاد آليات سريعة وعاجلة تتوافق مع آليات السوق المفتوح والاقتصاد الحر حتي تتوافق مع العالم تجارياً واستثمارياً.
زيادة التكلفة
المهندس حمدي سليمان رئيس مجلس أمناء مدينة الصالحية الجديدة يقول إن زيادة الدولار يعني زيادة في تكلفة الإنتاج وهذا يمثل خطورة عالية علي مناخ الاستثمار قال إن الفترة الماضية شهدت زيادة ملحوظة في الدولار وأصبح الآن 611 بدلاً من 580 وهذه زيادة كبيرة إذا ما قورنت في الفترة منذ 2003 وحتي قبل ثلاثة شهور من الآن فالأمر يحتاج إلي دراسة دقيقة جداً.
أضاف أن زيادة الدولار يمثل سلاحاً ذا حدين ففي الوقت الذي يمثل فائدة في حالة التصدير يكون في نفس الوقت حذر في حالة الاستيراد خاصة أن معظم المنتجات المحلية يدخل فيها نسبة كبيرة من الخامات المستوردة قال إنه في حالة وصول الدولار إلي 625 قرشاً يكون قد تجاوز مرحلة الخطر الأمر الذي يتطلب عدم تجاوز هذا الرقم باتباع آليات جديدة أهمها التركيز علي المشروعات المنتجة وليس المشروعات الجديدة والتركيز علي المشروعات ذات العائد السريع ولذلك التركيز علي الإنتاج الزراعي خاصة القمح الذي يمثل استيراده ضغطاً علي النقد الأجنبي.
حذر سليمان من الخلل القادم في الميزان التجاري مع الدول الأخري مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلي رفع معدلات التضخم بنسب كبيرة.
انخفض سعر الصرف للدولار بالبنوك أمس عند 610 قروش للشراء و5.612 قرش للبيع بانخفاض يبلغ 75, قرش في حالتي البيع والشراء وذلك في بنكي الأهلي ومصر واللذين يمثلان 50% من حجم السوق المصرية.
بينما تراوح سعر الدولار في باقي البنوك الأجنبية والخاصة عند سعر 609.25 و75.609 للشراء و5.611 و75.611 قرش للبيع.
أوضح مسئولو البنوك أن الاتفاق مع الصندوق في نهاية العام الحالي سيؤدي لمزيد من الدعم والاستقرار للاحتياطيات بالنقد الأجنبي لأن المبلغ المقترض 4.8 مليار دولار سيدخل ضمن الاحتياطيات النقدية وسيؤدي لمزيد من الثقة والاستقرار ولكن في الجانب الآخر سيتم إدراجه ضمن الدين الخارجي والذي سيزيد بمقدار القرض بالرغم أن فائدته بسيطة 1.1%.
أوضح مسئولو البنوك أن وزارة المالية تقترض المعادل لهذا القرض بالجنيه المصري بالاضافة إلي أن الاتفاق مع الصندوق يعد بمثابة جواز مرور المستثمرين ودخولهم لمصر وشهادة نجاح وسلامة للاقتصاد المصري أنه قادر علي النهوض والتنمية وهذا هو الأهم.
أشار المسئولون إلي أن حدوث بعض الارتفاعات لسعر الدولار لا تخيفنا ولا تزعجنا لأن هذا من شأنه زيادة حصيلة الصادرات والمتحصلات من إيرادات السياحة.
كما أن لغة الحوار مع الصندوق تغيرت تماماً عما كانت عليه في التسعينيات وهم لا يضعون شروطاً ولكن يبحثون معنا برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي والتقشف وتقليص الدعم وترشيد النفقات وعدم تثبيت العملة.
أكد خبراء الاقتصاد أن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار يرجع لعدم تدخل البنك المركزي في دعمه لاسيما في ظل الرغبة في تقديم تسهيلات لمفاوضات صندوق النقد الدولي حول القرض الذي طلبته مصر بقيمة 4.8 مليار دولار بالاضافة إلي الطلب الشديد في السوق المحلي مع ارتفاع قيمة الواردات وتراجع الصادرات.
أشاروا إلي ضرورة تخصيص جزء من المساعدات المقدمة إلي مصر في تثبيت سعر الجنيه والاستغلال الأمثل للقرض وتوجيهه إلي دعم المشروعات الإنتاجية.
قال الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي لأكاديمية السادات السبب في تراجع الجنيه أمام الدولار يرجع إلي عدم قيام البنك المركزي بالتدخل هذه المرة للمحافظة علي قيمة في خطوة منه لتسهيل المفاوضات الدائرة مع بعثة صندوق النقد الدولي من أجل الحصول علي القرض الذي طلبته مصر البالغ 4.8 مليار دولار مشيراً إلي أن هذا يعد ضمن شروط الصندوق للموافقة علي القرض.
أوضح أنه بالرغم من تراجع قيمة الدولار عالمياً إلا أن ارتفاعه محلياً يرجع إلي الارتفاع الكبير في الطلب عليه بالسوق المحلي لاسيما مع ارتفاع قيمة الواردات وتراجع الصادرات الأمر الذي سيزيد العجز في ميزان المدفوعات وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم والأسعار.
أشار إلي الوضع الحالي يدعو للقلق لأن الاقتصاد المصري غير قادر علي تحمل مشاكل وأعباء جديدة في ظل توقف عجلة الإنتاج في كثير من الشركات والاحتجاجات الفئوية التي تشل حركة العمل والإنتاج.
يري أن الحل يكمن في قيام البنك المركزي بالعمل علي تثبيت قيمة الجنيه أمام الدولار بالاضافة إلي إصدار دولارات للبنوك وشركات الصرافة في الحدود الآمنة واستقبال مصر للمساعدات الخارجية متمثلة في الدفعة الثانية للوديعة القطرية وتحصيل القرض التركي والمساعدات السعودية يمكن استخدام أجزاء منها في تثبيت قيمة الجنيه.
الدكتور إسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد جامعة بنها تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار يرجع للطلب الشديد عليه لاسيما أن الأمر يخضع للعرض والطلب مشيراً إلي أن قرض صندوق النقد الدولي سيكون له تأثير ايجابي إذا أحسن استغلاله وتوجيه الدعم للمشروعات الإنتاجية المتوقفة والعمل علي إنشاء مشاريع جديدة تستوعب أعداد العاطلين من الشباب وبالتالي قدرته علي سداد هذا القرض بفوائده مشيراً إلي أنه في حالة توجيه هذا القرض في شراء سلع استهلاكية سيكون تأثيره مدمر علي الاقتصاد لاسيما مع توقف الكثير من المصانع عن العمل والإنتاج تراجع معدلات السيولة بالسوق المحلي إلي مستويات خطيرة.
يضيف إننا بحاجة إلي إنشاء مصانع وشركات توجيه إنتاجها للخارج وتكون منتجاتها ذات ميزة تنافسية وزيادة الطلب علي الجنيه المصري حتي نستطيع الصمود أمام الشركات العالمية وحجز أماكن مميزة للمنتج المصري في الأسواق العالمية لافتاً إلي أن صندوق النقد وضع لنا شروط قاسية متمثلة في تخفيض الدعم الموجه للسلع الأساسية وتخفيض معدلات الانفاق حتي تستطيع الوفاء بالتزاماتها.