ضجة إعلامية كبرى صاحبت مغامرة علمية قام بها الشاب النمساوي 'فيلكس باو مجارتنز' من على حدود الغلاف الجوي للأرض، في محاولة بشرية لتحدي قانون 'نيوتن' الخاص 'بتسارع عجلة الجاذبية' وإمكانية خرق حاجز الصوت 'بالجسد البشري'.
وربما يغيب عن البعض أن محاولات 'تحدي الجاذبية الأرضية' والتحرر من قيودها بالطيران كان الأسبق لها عالم أندلسي عربي، لا يعرف عنه الناس سوى 'رجل غطى نفسه بالريش وطار، ثم سقط و مات'.. هو 'عباس بن فرناس'.
'أول طيار'، 'أول رائد فضاء'، 'مخترع الطائرة الشراعية'، 'ملهم اختراع الباراشوت'.. كلها ألقاب أطلقها علماء الطيران الغرب اعترافا بفضل 'عباس بن فرناس'، وأطلقوا اسمه على 'إحدى فوهات البراكين القمرية'، كما صنعت العراق تمثالا له على طريق المطار.
'أبو القاسم عباس بن فرناس' الأندلسي القرطبي، من علماء الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس، نبغ في علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك، وصاحب أول تجربة 'طيران' في تاريخ البشرية سبقت خطوة 'الأخوين رايت' بأكثر من ألف عام، وهو أيضا 'الملهم' لاختراع 'الباراشوت'.
'ابن فرناس' المولود في 810 ميلادية بقرطبة 'عاصمة الدولة الأموية آنذاك'، والمتوفى عام 887، ظل لسنوات يدرس 'آلية الطيران' لدى الطيور مختلفة الأحجام، ومقاومة الهواء للأجسام الطائرة، واستنتج بالفعل إمكانية الطيران في حال تغلب الجسم على مقاومة الهواء.
أعلن 'بن فرناس' صاحب الـ65 عاما وقتها - وكان عالما ذائع الصيت في الأندلس - أعلن عن قيامه بمغامرته للطيران، وتجمع الناس لمشاهدتهم 'الإنسان الطائر'، وبالفعل كشف 'بن فرناس' عن آلة شبيهة 'بالطائرة الشراعية' عبارة عن 'جناحين من الريش' القوي ليتحمل ثقل جسمه، ارتداهما واستطاع بالفعل التحليق لمسافة كبيرة، لكنه أصيب أثناء هبوطه، وليس 'لذوبان الشمع اللاصق للأجنحة بفعل الشمس'.
ومن غرائب القدر أن يحاكم 'بن فرناس' بتهمة 'التغيير في الخلق' و 'الشروع في الطيران'، وتحدد إقامته بمنزله لفترة، يعكف فيها على تطوير آلة الطيران التي أخترعها، ويدعمها 'بذيل' يحاكي ذيول الطيور، فضلا عن اختراعاته الأخرى في مجال الفلك مثل 'منقلة ذات الحلق' الشبيهة بالإسطرلاب - بوصلة فلكية، و'القبة السماوية'، و'المنقلة'، و'الميقاتة' لحساب الزمن.
تطورت تجربة 'بن فرناس' على مدار القرون، وفي عام 1903 يأتي الأخوين 'أرفيل ويلبور رايت' بعد 1028عاما، ليكشفا النقاب عن 'أول طائرة شراعية' بشكلها المطور الحديث، وتتطور علوم الطيران واختراق الفضاء، ويكون 'يوري جاجارين' الروسي أول رائد فضاء في العصر الحديث، ويأتي 'النمساوي 'فيليكس' منذ أيام 'ليقفز' من 'حدود الغلاف الجوي' متحديا قوانين 'نيوتن' بشأن الجاذبية والمقاومة.