'لو استطاع لكتب من مقامه الأخير.. الدار الآخرة في 365 يوم'، فهو العاشق دائما للرحلات، ويسليه في ترحاله 'خفة الدم' والنظرة الفلسفية الفريدة .. اليوم يحتفل قراءه وعشاق كتاباته بالذكرى الأولى للصحفي والأديب و فيلسوف 'المواقف'.. أنيس منصور.
ظهر النبوغ مبكرا على الطفل 'أنيس محمد منصور' المولود في 1924 بالدقهلية، فحفظ القرآن في سن التاسعة، وأنهى دراسته الثانوية وكان 'الأول على المملكة'، والتحق بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة وحصل على الليسانس عام 1947، ليعمل 'أستاذا للفلسفة' بجامعة عين شمس، ثم تفرغ للصحافة والعمل 'بدار أخبار اليوم' ويتتلمذ على يد 'توأم' الصحافة المصرية 'على ومصطفى أمين'، ويداوم على حضور 'صالون عباس العقاد' الأدبي.
وعلى طريقة 'محترفي الكرة'، تختطفه 'الأهرام' للعمل بها لمدة عامين، ليعود مرة أخرى 'لأخبار اليوم' حتى عام 1976، أبدع خلالها وتوهجت موهبته الصحفية، وكان أصغر رؤساء التحرير في عصره؛ حيث تولى رئاسة تحرير مطبوعة وهو لم يكمل الثلاثين من عمره، وتنقل بين أشهر المؤسسات الصحفية في مصر 'أخبار اليوم وآخر ساعة والأهرام والهلال'، حتى كلفه الرئيس السادات بتأسيس مجلة أكتوبر في 31 أكتوبر 1976.
اقترب 'أنيس' الصحفي الشاب من الرئيس 'السادات'، وكان 'خزنة أسرار' الدولة وقتها، وخشى عليه الكثيرون أن يكرر تجربة 'هيكل' مع 'عبد الناصر'، إلا أن عمله في 'دائرة الرئاسة' تكلل بذهابه ضمن وفد السادات لزيارة القدس، وكان أكثر المؤيدين لإحلال السلام وإنهاء الحرب.
تميزت كتابات 'أنيس منصور' بالتنوع بين الفلسفة والرحلات والوجودية و'الماورائيات' وهي التي تتحدث عن النظرة الفلسفية للعوالم الأخرى مثل كتابة 'الذين هبطوا إلى الأرض'، كما تحولت عدة إعمال له إلى السينما والمسرح والتليفزيون مثل مسرحية 'حلمك يا شيخ علام' ومسلسل 'من الذي لا يحب فاطمة'.
إلا أن أشهر أعماله 'حول العالم في 200 يوم' يظل 'أيقونة' خالده تزين تاريخه الحافل، فهو أول صحفي مصري وعربي يطوف أكثر من 20 دولة حول العالم ويسجل مشاهداته ويرسلها 'أسبوعيا' للنشر، وكانت تلك المقالات في أوائل الستينات تجذب القراء بشكل كبير، حتى جمعها في كتاب 'حول العالم في 200 يوم' عام 1963 عن 'دار المعارف' للنشر.
روى في كتابه أنه كان 'الصحفي الوحيد' الذي أجرى مقابلة حصرية مع 'الدالاي لاما' الزعيم الروحي للتبت، و'كيف يزرعون اللؤلؤ' في اليابان، و مشاهداته في سيلان وجزر هاواي، وكيف عاش 'فصول السنة الأربعة' في '3 شهور فقط'، ويختتم رحلته من الولايات المتحدة بـ'قبلة في النهاية' هي آخر فصول الكتاب عند عودته لمصر.
واليوم '21 أكتوبر' يمر العام الأول على 'رحلة أنيس في العالم الآخر'، تاركا سنوات من الإبداع الأدبي والصحفي، وعمود 'مواقف' اليومي بالأهرام، و 'حول العالم في 200 يوم' الكتاب الأكثر تداولا لمدة 49 عاما.