اللُّجَاج بمقاطعة الدّجَاج!!
خالد بن محمد الشبانة
يطلق اللُّجَاج على تداخل الأصوات، كما يطلق على صوت البطن من الجوع!
حديثنا اليوم عن الدجاج!
وهو الطائر الأليف الذي سخره الله لنا؛ فتنعّمنا بلحمه، وريشه، وبيضه، وصوته، ومؤانسته، حتى أشبعنا حساً ومعنى.
فالديك "ذَكَر الدجاج" مدحه الله على لسان نبيه، وبيَّن أنه يحب الملائكة، ويصيح إذا رآها؛ فهو يخبرنا برؤيته الملائكة؛ فندعو الله من فضله، كما نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن نسبَّ الديك؛ لأنه يوقظ للصلاة، ويصيح لذلك.
أما الدجاجة الوفيّة فهي تبيض؛ لنأكل بيضها، وتسمن؛ لنذبحها، ونأكل لحمها، في أكثر من طبق، وأكثر من طبخة، كما نستفيد من ريشها.
والدجاج نتعلم منه كثيراً من الأخلاق؛ فالدجاج ينام مبكراً، والديك يستيقظ مبكراً، حتى أن الرجل إذا مُدح في برنامجه اليومي قيل: "ينام مع الدجاج ويستيقظ مع الديكة"!
ردّدنا ونحن صغار أشعاراً وأناشيد في الديك والدجاجة؛ فقصة الحب معهما حميمة وقديمة.
اليوم، الدجاج يسيطر على كثير من موائد الناس بتنوع طبخاته.
كل هذا الحب والشعبية للدجاج لم يشفع في عدم طمع التجار في استغلاله، لجمع الأموال من الناس! برفع أسعاره بنسبة غير منطقية! تصل لـ"50 %" من سعره المنطقي!!
تيسّر لي زيارة المعرض الزراعي في المركز الدولي للمعارض بالرياض، بدعوة من الأخ الصديق سعود بن منيف، خبير الزراعة والاستثمار، ومن فوائد ما رأيت: الشركات، التي تعمل على تسهيل وتهيئة الاستثمار في الدواجن؛ حيث تجهز الحظائر، وتجهِّز أدواتها من البيوت والأقفاص، وأجهزة التفقيس، والأدوية، وأجهزة التهوية، حتى تصل للتسويق، حيث إن الواحدة من الدجاج اللاحم تكلف من "4" إلى "6" ريالات سعودية!
وإن فترة إعادة الإنتاج لا تستغرق إلا "40" يوماً، هي عمر صوص الدجاجة حتى يسمن ويجهز للذبح!
كما أن الاستثمار فيه له خط آخر في البيع، وهو بيع البيض، الذي ينافس بيع الدجاج اللاحم!! والدولة تدعم الاستثمار في الدواجن بشكل كبير!!
مع العلم أن هذا الاستثمار بأرباحه يغطي الارتفاع الطفيف في أسعار الأعلاف اليوم!
فلِمَ رفع الأسعار أيها التجّار؟!!
لا تثريب على من يدعو لمقاطعة شراء الدجاج؛ فقد شكا الناس لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه- غلاء اللحم! فرد عليهم: اتركوه لهم. وفي رواية: أنتم أرخصوه. أي لا تشتروه، واتركوه "يخيس" عند من يبيعه.
المقاطعة سلاح اقتصادي شرعي وقتي، يزول مع زوال مسببه..
لا أحد يستطيع أن يكبت غضب الناس إذا غضبوا لأجل غذائهم ومعاشهم! فأنت ترى شعوباً ثارت لأجل الخبز، وأخرى لأجل الجوع.
فإن استمرت مقاطعة الدجاج فلا شك أن الأسعار سترجع بما يتناسب مع مستوى الدخل للمواطن.
أتصور أن هزيمة التجار متوقعة لو صمد الناس؛ لأن المستثمر في الدواجن محدد، أما بدائل الدجاج للمستهلك فهي كثيرة.
والمستفيد الأول من المقاطعة للدجاج هو الدجاج نفسه! لأن عمره سيطول! لأن الناس - في تصوري - لن يصمدوا عن مائدة من دون دجاج!
لذا ترى كثيراً من الناس يشترون وجبة سريعة مشتملة على لحم الدجاج كالبرجر والنقت وغيرهما، بما يفوق سعر دجاجة؟ ما يعني أنهم قد يعودون ليشتروا دجاجة تزيد على سعرها 30 %.
اقترح وزير الزراعة مشكوراً للمواطنين أن يجدوا بدائل عن اللحوم وعن الدجاج!! لأن اللحوم لن تستطيع شراءها الطبقة المتوسطة!
ولعله يقصد ما كان يأكله آباؤنا وأجدادنا ومتوافراً ومجاناً في أراضينا، مثل:
1. الجراد.
2. الضب.
3. الجرابيع.
4. جميع أنواع الطيور والعصافير والحمام البري!
5. الأرانب البرية!!
6.الغزلان.
7. "ولا تهون الشبوك" عمّا تحتضنه من الحبارى والغزلان والمها والريم.
والحقيقة، عندنا بدائل، لكن من الصعب تغيير العادات الغذائية بسرعة؛ فمثلاً وجبة "الكشري" بديل للحوم، ومثله الفول والعدس ونحوهما، وأيضاً "البر" بديل "للأرز"، والتتبع يقود إلى أن لكل وجبة بديلاً صحياً.
المجتمع يجب أن يكون الموجِّه للتجار فيما يستثمرون به من الغذاء؛ لأن الناس هم مادة التجار الحقيقية، وبهم يصلون للثراء، وبمقاطعتهم ينحدرون للخسارة، وإذا لم تكن تجارتهم بالقيم الإسلامية فلا خير ولا بركة بها.
الناس للناس من بدوٍ ومن حاضرةٍ *** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ
يبقى الحل الذي يُرضي التاجر والمواطن، وهو زيادة الرواتب، ولتكن "150 %"؛ هنا سيرضى التجار بالزيادة "30 %" في الأسعار، كما يبقى للمواطن توفيراً في مصروفه.
أو الدعم العاجل لأعلاف الدجاج من الدولة، مع الرقابة الصارمة؛ حتى تستقر الأسعار وتنخفض.
أخيراً:
حماية "أو جباية" المستهلك في وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة عندهما الحل في كبح طمع التجار!
فماذا ستفعلان!!