منتدي خلاصة تجاربي
منتدي الغلابة يرحب بك
وندعوك للتسجيل معنا
منتدي خلاصة تجاربي
منتدي الغلابة يرحب بك
وندعوك للتسجيل معنا
منتدي خلاصة تجاربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي خلاصة تجاربي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحجاب والعفاف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الدكتور احمد
Admin



عدد المساهمات : 8263
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 01/06/2012
العمر : 31
الموقع : منتدي خلاصة تجاربي

الحجاب والعفاف Empty
مُساهمةموضوع: الحجاب والعفاف   الحجاب والعفاف I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 20, 2012 3:19 pm

الحمد لله خالق السموات و الأرض وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين:

أحببت أن أختار هذا الموضوع لكثرة طرحه في هذه الآونة بشكل كبير والضغط المباشر من قبل الدول الغربية على الحجاب والمحجبات وضرورة إعطاء هؤلاء الصورة الواضحة المستنيرة حول رسالة الحجاب في الإسلام .

إن التزام في هدي الإسلام في مسألة الحجاب وفق خيارات الفقهاء المحترمين لا يرهق المرأة من جانب، ولكنه يحفظ للمجتمع بيئة نظيفة تكون فيها الطهارة غرضاً نبيلاً يستحق التضحية، فيما تدخر مفاتن المرأة وإغراءاتها إلى فراش الحلال، لتنشأ البيوت الدافئة الهادئة، وتقل فرص الانحراف والخطيئة.

وهنا فإن الوعي بمقاصد الشريعة في تحقيق العفاف، والتزام صيغٍ مناسبة من الحجاب في كل واقع اجتماعي، إضافة إلى الإيمان بالله سبحانه، والدار الآخرة، والقناعة بالرضا بالحلال والخوف من حساب الله وعقابه، كل ذلك حقق للمجتمع بيئة نظيفة طاهرة وقضى على كثير من أشكال الانحلال الاجتماعي والانغماس في الفحشاء، وسلَّم الأمة من الفساد الأخلاقي الذي نتج عنه دمار الأسرة في الغرب.

وأود هنا أن أناقش الفكرة القائلة بأن الحجاب إنما هو زي طبقي كانت الغاية منه تمييز الحرائر عن الإماء، وأن زوال نظام الإماء مبرر كاف لإنهاء نظام الحجاب.

ذلك أن هذه المسألة بدأت تطرح مؤخراً في صورة جدية، وهي تستند في الواقع إلى عدد من الروايات التاريخية التي تكرس هذا المفهوم لعل أشهرها حكاية الجارية دفار التي كانت تلبس الحجاب فنهاها عمر مغضباً وقال لها: يا دفار.. أتتشبهين بالحرائر!..([1])

وإني آسف للخيار الذي مضى إليه بعض الفقهاء في التمييز الواضح بين الأمة والحرة في مسائل اللباس وهو ما نقل مسألة الحجاب من كونها سلوكاً يرتبط بالعفاف الاجتماعي إلى أداة طبقية تمييزية غير مفهومة، وذلك حين تسامح كثير من الفقهاء في عورة الإماء إلى حد السوأتين ـ كما بيناه ـ في حين أن الجواري قد يكن أشد جمالاً وفتنة من كثير من الحرائر.

ولا ريب أن هذا الخيار معاند لمقصد الشريعة من تحقيق المساواة بين الناس، وتحديد المفاضلة عبر السعي الإنساني، لا عبر النسب ولا الثروة ولا الطبقة: إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

لقد كنا نختلف مع إخواننا العلمانيين في جدوى الحجاب، ولكن القدر الذي لم نختلف عليه أبداً هو أن هذا الحجاب إنما هو تضحية تقوم بها المرأة المسلمة للحفاظ على عفاف المجتمع، وسد الذرائع المؤدية إلى التفلت الأسري، والتفات الزوج إلى غير حليلته.

وبينما كنا نرى أن هذه التضحية مشروعة ومبررة كان إخواننا من العلمانيين يرون أن هذا المقصد نفيس ونبيل، ولكنه لا يتطلب هذه التضحية، ويمكن الحفاظ على العفاف من دون الإلتزام بهيئة الحجاب، وذلك عن طريق إحياء الحجاب الداخلي بدلاً منه، على حد ما عبرت عنه الدكتورة نجاح محمد: «العفاف مسؤولية أخلاقية، يتحمل كل من الرجل والمرأة واجب القيام بها فردياً دون أي تمييز بينهما، ودون أي اتكال لأحدهما على الآخر في أنه مسؤول عن غوايته، وهنا تبرز ضرورة الحجاب الداخلي والحجاب الأخلاقي ـ الضميري ـ في نظامنا المعرفي القيمي، إنه الحجاب الذي عبر عنه الإسلام في النص القرآني الكريم بقوله ]ولباس التقوى ذلك خير[، أي لباس وقاية النفس وصونها التي هي الهدف المحوري للطاعة الإلهية هي الحجاب الحقيقي([2]).

وهكذا فإن كلاً من أتباع النص، وأتباع المنهج العلماني ينظر إلى الحجاب على أنه وسيلة تهدف إلى العفاف الاجتماعي في المقام الأول، سواء وافقنا على صوابيتها أم لا.

ومن غير المعقول بعدئذ أن نتصور أن المرأة المسلمة ترتدي الحجاب بدافع من الأثرة والاستعلاء على الإماء، وأن غرض الشارع من عناء المرأة في هذا السبيل يتصل بمثل هذا المقصد الطبقي الدنيء.

وإن قصر غايات الحجاب على هذا الهدف الموهوم منطق غير معقول ولا مبرر، وهو اتهام مباشر للعقل الإسلامي التاريخي أنه رضخ لهذه الأوهام، وقدم تضحياته في هذا السبيل الدنيء، وهو منطق يضع سائر الشريفات المحجبات في دائرة الريبة حيث يكون عناؤهن عبر التاريخ الإسلامي في خدمة قضية طبقية يفترض أن الإسلام جاء أصلاً لمكافحتها ومحاربتها.

إن العفاف ـ الفضيلة الشرقية الكبيرة ـ هو في الواقع أكبر أسباب تماسك الأسرة، وهذا العفاف ـ كما يظهر لكل مراقب، موجود في العالم الإسلامي بنسب لا تقارن مع العالم الغربي، وهذه الظاهرة الواضحة يمكن أن نلتمسها في صورة كثيرة من مقارنات الشرق بالغرب.

على سبيل المثال فإن جمعية واحدة في سان باولو بالبرازيل ترعى وحدها اثنين وثمانين ألف لقيط، وأعتقد أن هذا الرقم جد مناسب لإجراء مقارنة مقاربة مع سوريا مثلاً، فسان باولو يبلغ تعداد سكانها سبعة عشر مليوناً، وسورية تبلغ كذلك سبعة عشر مليوناً، وفي الإحصاءات الرسمية فإن دار اللقطاء الوحيدة في سوريا تستقبل سنوياً من أربعين إلى خمسين حالة، فإذا اعتبرنا أن الحالات المكتومة تبلغ مثل ذلك أيضاً، فإن الرقم يتضاعف إلى نحو ثمانين لقيطاً.

وهكذا فإن عملية حسابية بسيطة تكشف لك أن المجتمع الإسلامي لا زال أنظف من المجتمع الغربي من الناحية الأسرية بألف مرة على أقل تقدير.

هذا إذا لم نتعرض للمواليد غير الشرعيين فهؤلاء يبلغون أرقاماً خيالية، ذلك أن القانون البرازيلي والقوانين الغربية عموماً تلزم أحد الأبوين إذا اعترف بالمولود بالإنفاق عليه جبراً، ولا تسميه لقيطاً، ولا أملك هنا إحصائيات دقيقة عن أعداد هؤلاء في البرازيل، ولكن أذكر بالمشكلة التي أثارها الإعلام قبل سنوات حول ما عرف بمشكلة (الجرذان البشرية) وهم اللقطاء المهملون في أقبية المترو، حيث زاد عددهم في البرازيل عن 800 ألف طفل، فيما طالب بعض النواب بمنح الشرطة سلطات استثنائية لإطلاق رصاصة الرحمة عليهم ليريحوا ويستريحوا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية بلغ عدد المواليد غير الشرعيين دون سن البلوغ تسعة عشر مليون إنسان، وهذا الرقم يتزايد في كل عام بمعدل مليون مولود سفاحاً.

إن هذه الأرقام لا تحتوي على أدنى مبالغة، المشكلة أن المجتمع الغربي لا ينظر إلى هذه الأرقام بالسوداوية التي ننظر بها إليها، بل تبدو جانباً من حريات الإنسان التي لا يحق للقانون أن يجرمها، ولا سيما بعد أن اعترفت كثير من الكنائس بالشذوذ الجنسي، وطرحت في البرلمانات مسألة نكاح المحارم على أنها من حقوق الإنسان.

وهنا بودي أن أسأل قليلاً عن حقوق الإنسان التي اعتمدتها الأمم المتحدة في يوم مبارك 10/12/1948، والتي تعتبر بحق مفخرة إنسانية رائعة، ولكن هل من الصواب أن نتصور أن هذه الحقوق نزلت وحياً مكتملاً بحيث يلزم إلحاقها بالنصوص المقدسة، أم أن منطق الحياة يقتضي أن تكون هذه الحقوق رؤية إنسانية تبحث عن اكتمالها من خلال التجربة والملاحظة والتطبيق.

أليس من حق الإنسان (أن يولد بين أبوين)؟ّ، أليس هذا حقاً مقدساً ينبغي أن تحفظه القوانين والنظم والإدارات الحكومية؟..

وما الذي جناه هؤلاء الأطفال حتى يصطلح على تسميتهم بـ (الجرذان البشرية) وتطرح مسألة حقهم في الموت كبديل حضاري عن الحياة المزرية المنتظرة لهم؟

إن هناك من وجهة نظري تسعة عشر مليون جريمة اعتداء على حقوق الإنسان مورست في الولايات المتحدة وحدها برعاية القانون الأمريكي، واشترك في ارتكابها ثمانية وثلاثون مليون جانٍ!..

وفي إحصائية نشرتها مجلة الجيل في عدد آب 1998، أشارت إلى أن عدد المواليد غير الشرعيين في الولايات المتحدة يبلغ 24%، ويرتفع في فرنسا إلى 33%، وفي ألمانيا 34%، فيما يبلغ صوراً كارثية في أمريكا اللاتينية، في هندوراس 64%، وفي بنما 71%، وأعلى نسبة سجلت في ولاية سانت كومة حيث بلغت 90.6%.

إني لا أزعم أن الشرق يعيش حالة عفاف تامة، فالمسائل هنا نسبية، ولكن لا مقارنة بما يجري هنا في الأقبية والظلام وغفلة الرقابة وبنسب محدودة ينظر إليها عادة بازدراء وريبة وسقوط مع ما يجري هناك في وضح النهار وبوسائل قانونية معتبرة، وأسواق مشهورة لهذه الأغراض، واعتبار مناهضة هذا السقوط عدواناً على حرية الأفراد.

وينبغي القول هنا أن العفاف الذي نعيشه في الشرق ليس في الواقع إفرازاً بيولوجياً مرتبطاً بالنشوء والإرتقاء، وهذا ما لا يقوله أحد، إذ كلنا لآدم وآدم من تراب، ولا أظن أننا نختلف في أن منشأ هذا التفاوت حقيقة إنما هو التربية، والمفاهيم التي تحكم سلوك الناس، فبينما بقي التوجيه الديني هنا حاكماً في إطار الأسرة، فإن المجتمع الغربي تفلت من هذه الحاكمية واختار أن يمضي في فهمه وأهوائه إلى آخر مدى فكانت هذه النتيجة الحتمية.

والحجاب في الحقيقة هو العمود الفقري لهذه التربية، وهو رمز واضح وحاسم لوجود محرمات صارمة لا ينبغي تجاوزها، وهي الفاصل بين مجتمع العفاف ومجتمع الهوى.

وإني آسف لأن خصوم الحجاب عادة ما يطرحونه بصيغة (الحرملك العثماني) أو (ملاءة الزم) على عجائز الريف، أو وفق الطرح الطالباني الأفغاني وكأنها هي المسألة التي نختلف عليها، ولا يطرحونه في صيغة الوزيرات والنائبات والأستاذات الجامعيات والمذيعات المحتشمات اللاتي أصبحن اليوم ظاهرة نعتز بها، حين يصبح الحجاب هنا رمزاً لا غلاً، وحَصاناً لا إساراً، ولا يحول دون مشاركة المرأة في الحياة العامة وتقديم الخدمات التي تنفرد بها لخدمة الأسرة والوطن والناس.

وإن ما اختاره الفقه الإسلامي فرضاً أكدت عليه المسيحية استحباباً، فالراهبات يلتزمن الحجاب في صيغة جد صارمة، في إيماءة واضحة إلى استحباب هذا السلوك في التوجيه المسيحي، وإلى عهد قريب كانت المجتمعات المسيحية عموماً في الشام تلتزم الحجاب.



ولابد من التأكيد أن الحجاب مسؤولية المرأة في تحقيق العفاف الاجتماعي، وأن المرأة المسلمة مأمورة أن تنهض بمسؤولياتها كاملة في التربية والعفاف والأخلاق إلى جانب نمط الزي الذي تختاره لتحقيق العفاف.

وليس ثمة أدنى شك في أن المرأة المحجبة إذا كانت سيئة الأخلاق، ظالمة للناس، مؤذية لجيرانها، فإن أفضل منها بكل تأكيد امرأة سافرة ولكنها تقوم بحقوق الخلق على وجه العدل والبر والقسط.

وهنا تتأكد منزلة الحجاب في سياق الأولويات التي ينبغي أن تكون واضحة في سياق البصر بمقاصد الإسلام.

وفي مثال محيّر لاختلال رتب الأولويات ما حصل عندما تسارع المسلمون لنجدة إخوانهم في البوسنة والهرسك وقامت إحدى الجمعيات الخيرية بجمع أموال طائلة من الخليج العربي لمساعدة المسلمات في البوسنة والهرسك، اللاتي يعانين من الذبح والقتل والاغتصاب والتشريد في أصقاع الأرض، وعندما اكتمل جمع المال قامت إدارة الجمعية بشراء جلابيب ومناديل وأرسلتها إلى البوسنة من أجل تحجيب المسلمات!([3]) ...

إن اختلالاً كهذا في فهم أولويات المطالب في نهوض المرأة المسلمة يبعث بكل تأكيد على الحيرة والأسى.

إن هذا الموقف لاينتقص من دور الحجاب كأداة عفاف وطهر، ولكنه يدعو إلى التأمل والوعي بترتيب الأولويات.

وقبل أن نطوي الحديث عن الحجاب فإنه ينبغي التأكيد هنا أن الحجاب الذي استحبه الإسلام وسيلة لتحقيق العفاف الاجتماعي كما قدمنا جلي الغاية في أن المقصد منه إنما هو الاحتشام وليس التقبيح كما يبدو في تطبيقات كثيرة.

ولست أفهم كيف يمضي فقه التشدد إلى الإصرار على تقبيح المرأة سداً للذرائع فيمعن في تغيير ما خلق الله في المرأة من جمال، حتى اجترأ بعض فقهاء عصور التقليد فأفتوا أن المرأة إذا خرجت (لضرورة) من دارها (إذ ليس لها الخروج لغير ضرورة) فإنه يتعين عليها أن تضع في ظهرها متاعاً، وتحني ظهرها لتوهم الرجال أنها عجوز ثبطة ثقيلة فلا يطمعوا فيها!.. وكذلك فإنها إذا أجابت للضرورة على طارق طرق الباب أو هاتف هتف لديها فإنه ينبغي عليها أن تضع يدها على فمها لتغيير صوتها بحيث تبدو قبيحة الصوت لئلا يطمع بها الرجال!..([4])

ويمكن في هذا السياق أن نستأنس ببعض وصايا النبي الكريم وملاحظاته لحال المرأة والرجل في الحياة العامة بحيث يستحب للمرأة الاعتدال في الزينة، والظهور بمظهر لائق لا يتعمد تقبيح الجمال بالابتذال، ولا خدش الحياء بالتبرج.

قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال».([5])

وعن عمران بن حصين أن النبي e قال: ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، وطيب النساء لون لا ريح له. قال سعيد (أحد الرواة) وهو سعيد بن أبي عروبة هذا إذا خرجت، فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت.([6])

وعن عائشة قالت: إن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض يده، فقالت: يا رسول الله، مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه، فقال: إني لم أدرِ أيد امرأة هي أو رجل، قالت: بل يد امرأة، قال (مستنكراً): لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء.([7])وهذا بمثابة الأمر لها أن تزين يديها بما يظهر أنوثتها.

وعن ابن عباس أن امرأة أتت النبي تبايعه ولم تكن مختصبة، فلم يبايعها حتى اختصبت.([8])

وهو واضح في أن الرسول كره من المرأة بذاذتها، وأحب لها أن تبدو جميلة متزينة.

وعن عائشة قالت: دخلت علي خولة بنت حكيم وكانت عند عثمان بن مظعون فرأى النبي بذاذة هيئتها فقال لي: «يا عائشة.. ما أبذ هيئة خولة!..»([9])

وفي رواية أنها كانت امرأة أبي الدرداء فسألها: ما شأنك فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.([10])

فدعا النبي الكريم عثمان بن مظعون فقال: أما لك فيَّ أسوة.. فأتتهم المرأة بعد ذلك عطرة كأنها عروس!([11])

ونتساءل هنا: كيف يتسنى لفقه الجمود أن يمضي بقاعدة سد الذرائع في مواجهة هذا السلوك النبوي الكريم الموافق للفطرة والاعتدال؟..

بل إن نساء النبي الكريم وهن أكمل النساء عفافاً وطهارة كن يتخذن أشكالاً من الزينة والطيب والتجمل تناقض أوهام التزمت والتشدد، حتى في أعمال المناسك التي يفترض أنها مواسم العج والثج.

عن عائشة قالت: كنا نخرج مع النبي e إلى مكة، فنضمد بالمسك المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي فلا ينهانا.([12])

وعن أميمة بنت رقيقة أن أزواج النبي e كن يجعلن عصائب فيها الورس والزعفران فيعصبن أسافل شعورهن عن جباههن قبل أن يحرمن، ثم يحرمن كذلك.([13])

وهكذا فإن النصوص تتوالى في التأكيد على اعتدال المرأة في زينتها أو لباسها، والإذن لها بإبداء ما ظهر من زينتها، من غير تبرج مسف أو تشعث مهين.

ولست أزعم أنني استوفيت هنا ما ورد من نصوص الإباحة، كما أني لم أعرض لما ورد من نصوص النهي، ولا بأس أن أورد كذلك هنا بعض نصوص النهي وأكثرها جدلاً وهو ما أخرجه أبو داود عن النبي الكريم أنه قال: إذا استعطرت المرأة فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية.([14])

وبحسبي هنا أن أنقل لك ما أورده السيوطي في الجامع الصغير لدى إيراده هذا الحديث أنه قال: هو حديث ضعيف،([15]) ومعلوم أن السيوطي يتساهل في التصحيح فلو أنه وجد فيه ما يقويه لما تردد في تصحيحه.

على أني لا أصدق أن النبي الكريم الذي هو أعلم الناس بحد القذف (ثمانين جلدة) في حق من يتهم امرأة بالفاحشة من دون أن يشهد برؤيته التامة الدقيقة لمواقعة الفاحشة، وكذلك عقوبة القاذف في الآخرة، فلا يتصور منه بعدئذ أن يأذن بإلقاء مثل هذه التهمة على امرأة لمجرد أنها تعطرت!..

وعلى كل حال فإن في ما أوردناه من أخبار تشير إلى استحباب الاعتدال في الزينة والطيب للمرأة كفاية وغنية، ولكن للأسف فإن فقه التشدد يحكم بأن هذه النصوص جميعاً منسوفة بواحد من أمرين:

1) أنها نسفت بتشريع الحجاب.

2) أنها لا تصلح للتطبيق نظراً لفساد الزمان.

ولكل واحد من هذين الأمرين جوابه، وتجد تفصيله في مبحث الاختلاط المعتدل، وأود هنا أن أختم هذا المبحث بالتأكيد على وجوب إصلاح مفاهيمنا عن الحجاب، وبيان أنه ليس نمطاً صارماً محسوماً بل هو خيار اجتماعي غايته تحقيق العفاف والاحتشام، وأن الإصرار على التشدد فيه يؤدي إلى عكس الغايات التي يتطلبها أنصار ذلك، إضافة إلى ما يشكله من رهق وعناء لا يتفق مع شريعة جاءت باليسر والفطرة.

إن قراءة واعية لواقع المجتمعات الإسلامية اليوم يؤكد هذه الحقيقة، فثمة مجتمعات عربية تفرض بقوة القانون حجاباً مرهقاً على النساء، وتحرسه بالمؤيدات الجزائية الصارمة، وتجعل كل لقاء بين رجل وامرأة في دائرة الريبة، ولكن لا يستطيع أحد أن يزعم أن الشباب في هذه المجتمعات قد أصبحوا أكثر عفافاً أو انضباطاً، وإن مشهدهم الذي أصبح معروفاً عندما يخرجون من مجتمعاتهم يعطيك صورة مخيبة، إذ يبدو أن رصيدهم من الكبت أكبر بكثير من رصيدهم من العفة، وهذا من وجهة نظري نتيجة إصرار مراجعهم الدينية على التشدد والتزمت، وترك ما كان عليه مجتمع الرسول من التسامح بحجة فساد الزمان وكثرة الفتن، وهكذا تتحول قاعدة سد الذرائع إلى نقيضها تماماً بسبب الإفراط والتشدد.

وأجد من الضروري هنا أن أشير بمرارة إلى السعي المسعور الذي تنتهجه بعض الحكومات العلمانية الغربية والعربية أيضاً في محاربة الحجاب، حيث تنقل مسألة الحجاب من إطار زي اجتماعي تفضله المرأة رجاء ثوب أخروي إلى صيغة تحدٍ للمجتمع العصري، في حين أن الأدلة متوافرة على أن الحجاب (المعتدل) لايحول بين المرأة وخيارها في التحرر والتقدم والنهوض.

وأقول هنا بمرارة إن هذا الموقف السلبي المتشنج يشكل أكبر وقود لولادة التطرف والتشدد، ويدفع بمعتدلين كثير إلى تيار التشدد، نظراً لما يرون فيه من عدوان صارخ على الحريات، إن لم نقل على المقدسات.

في هذه المقالة حاولت قدر المستطاع أن أعطي صورة واضحة لما يدور في عالمنا الإسلامي والغربي حول العفاف والحجاب من بث السموم حول السترة والعفاف إننا في الحقيقة بحاجة في هذه الأيام للإيضاح في كل الطرق لإيصال صرخاتنا إلى كل من يحاول أن يحارب موضوع الحجاب في الإسلام وأن يعلموا أن المحجبات هم أكثر الناس غبطة بما فرض الإسلام على المرأة من ستر وحفظ للعورات والأعراض وهذا يجعلنا أكثر حرية في حركاتنا وتجولانا ونحن نحمل شعارنا على رؤوسنا حول العالم ككل .



([1]) ليس لهذا الحديث وجود في أي من الكتب الستة المعتمدة، لكن أورده صاحب نصب الراية الزيلعي، وقال: غريب، وأيضاً نسبة إلى البيهقي وليس فيه ذكر دفار. انظر: نصب الراية للزيلعي- الجزء الرابع - فصل في الوطء والنظر والمس.

([2]) د. نجاح محمد. بحث بعنوان (المرأة العربية ـ الواقع والآفاق)

([3]) عن كتاب الدكتور حسان حتحوت: بهذا ألقى الله، المقدمة.

([4]) قال ابن الجوزي: والمرأة مندوبة إذا خاطبت الرجال إلى الغلظة في المقالة لأن ذلك أبعد من الطمع في الريبة. زاد المسير حـ6 ص379

([5]) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه حـ1 ص65.

([6]) رواه أبو داود، كتاب اللباس، رقم 3415.

([7]) رواه النسائي، كتاب النكاح، باب الرخصة للحادة أن تمتشط، رقم 4712.

([8]) رواه البزار، أنظر مجمع الزوائد للهيثمي، كتاب اللباس، باب زينة النساء، حديث رقم 8882

([9]) رواه أحمد أنظر مجمع الزوائد، كتاب النكاح، حـ4 ص301 وقال: رجاله ثقات

([10]) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب إهداء المرأة على غير زوجها، رقم 1868. وهنا كتب الدكتور البوطي الملاحظة الآتية: هذا كله حول أدب المرأة في بيتها لا مع الرجال الأجانب.

([11]) رواه الطبراني، كتاب النكاح، أنظر مجمع الزوائد حـ4 ص310

([12]) رواه أبو داود، كتاب المناسك، باب ما يلبس المحرم، رقم 1615، وهنا كتب الدكتور البوطي الملاحظة الآتية: هذا كما قال العلماء لستر الكريه من رائحة العرق ونحوه مع تطاول مدة الإحرام، وليس لمطلق نشر رائحة العطر، والدليل حرمة تعطرهن في غير هذه الحال.

([13]) رواه الطبري، انظر مجمع الزوائد حـ3 ص220

([14]) أخرجه أحمد في مسنده حـ4 أول مسند الكوفيين، والنسائي في كتاب الزينة، وأبو داود في كتاب الترجل.

([15]) انظر الجامع الصغير للسيوطي الحديث رقم 428.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://a5olast-tgarbk-jajaja.forumegypt.net
 
الحجاب والعفاف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مراوغات الحجاب
» الحجاب قبل الموت
» الحكم في الاستهزاء بمن لبست الحجاب
» الحجاب … يحمي الشعر من السقوط

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي خلاصة تجاربي :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: منتدي المراة والجمال :: قسم المراة-
انتقل الى: