أعماله ونشاطاته
أصدر وترأس تحرير مجلة المنهاج ما بين 1344هـ/1925م- 1349هـ/1930م، التي عرفت بتوجهها السياسي والاجتماعي القويين، فكانت تنشر مقالات لكتاب عرفوا بعدائهم الصريح للاستعمار الغربي، تكشف عن مخططات الإنجليز والفرنسيين الاستيطانية في الحجاز والشام والمغرب العربي بأسلوب تحليلي عميق. وفي الميدان الديني والاجتماعي كانت ترد على مقالات التغريبيين المعجبين بالمدنية الغربية، المشككين في ثراء الحضارة الإسلامية، وقدرتها على التطور، ومن ثم فإنها منعت من دخول كثير من البلاد العربية والإسلامية. وما لبثت بعد مضايقات سياسية، ومتاعب مالية أن توقفت، فأسند الشيخ اطفيش رخصة صدورها إلى زميله في الكفاح الوطني محب الدين الخطيب، وكان ذلك سنة 1931م، فأخذت تصدر في شكل جريدة محتفظة بالعنوان نفسه (المنهاج). أسس مع صديقه الشيخ الخضر حسين جمعية الهداية الإسلامية. في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات أصبح عضوا فعالا في جمعية تعاون جاليات شمال أفريقية، والمؤتمر الإسلامي المنعقد بالقدس سنة 1350هـ/1930 م كان عضوا نشيطا في جمعية الشبان المسلمين الذي تربطه بزعيمها الحسن البنا صداقة حميمة. كان عضوا نشيطا في مكتب إمامة عمان بالقاهرة، إذ أسند إليه الإمام غالب بن علي التعريف بقضية عمان في المحافل الدولية، والجامعة العربية، وسافر من أجل ذلك إلى عمان وإلى أمريكا ناطقا رسميا في الأمم المتحدة. في جوان 1359هـ/1940 م أسندت إليه وزارة الداخلية المصرية مهمة الإشراف على قسم التصحيح بدار الكتب المصرية، وكان من أجل أعماله فيها:
تحقيق وتصحيح أجزاء من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
تصحيح كتاب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، من تأليف محمد فؤاد عبد الباقي.
تصحيح وتحقيق أجزاء من كتاب نهاية الأرب، وغيرها.
وكان وهو بدار الكتب المصرية مرجع الفتوى في العلوم الشرعية واللغوية، شارك مشاركة فعالة في تحرير مادة الموسوعة الفقهية، ولا سيما فيما يتعلق بالمذهب الإباضي. وهكذا تألق أبو اسحاق بين زملائه، وعرف بينهم بغزارة العلم، ودقة التحقيق، والإخلاص في العمل، كما اشتهر بينهم بقوة عارضته إذا حاجج، ورحابة صدره إذا نوقش، ورسوخ قدمه في مجالي الشريعة وعلوم اللغة إذا استفتي أو استشير. ولعل ما بهر به المصريين فعلا هو إخلاصه النادر لعمله ما يقرب لأربعين سنة كان فيها مثالا للجد والمثابرة والتفاني، واكتسب من أجل ذلك صداقة فطاحل علماء مصر من أمثال الشيخ مصطفى المراغي شيخ جامع الأزهر، ومحمد أبو زهرة، ومحمد علي النجار، ومحمد سلام مذكور، ومصطفى عبد الرزاق، ومنصور فهمي، وغيرهم.
إن وجود أبي اسحاق في مصر أفاد القضية الجزائرية إفادة كبرى، فقد كان يقف لمؤامرات الاستعمار الفرنسي بالمرصاد، كشفا وفضحا، لا يكتفي بما يكتبه بقلمه في مجلته المنهاج، بل كان يستنهض للكتابة أشهر الأقلام الوطنية المصرية، من أمثال أحمد زكي باشا، ومحب الدين الخطيب، ومحمد علي الطاهر، وغيرهم. كما كان له الفضل العظيم في إزالة الكثير من الأخطاء التي كانت عالقة بأذهان بعض الباحثين عن الإباضية، وصحح الكثير من المعلومات التي تنوقلت عن المصادر التاريخية التي ألفت في عصور التفرق والفتنة.
آثاره ومكانته العلمية
كان أبو اسحاق يملك قلما سيالا، وأفقا واسعا، تجود عليه بعطاء فكري ثري، والذي يبدو من خلال مراسلاته أنه ألف في مواضيع شتى، ولا سيما فيما يتعلق بالمذهب الإباضي تاريخا وفقها، ولكننا لم نستطع الوصول إلى هذه الآثار رغم البحث عنها. أما في ميدان التأليف والتحقيق فنجد له ما يلي:
مقالات كثيرة في مجلة الفتح والزهراء لصاحبهما محب الدين الخطيب، وهو من أعز اصدقائه والمتعاونين معه.
ألف كتاب الدعاية إلى سبيل المؤمنين يطرح فيها نظرته إلى تطوير التعليم العربي الإسلامي، ويرد على خصومه من المحافظين، وقد صدر عن المطبعة السلفية بالقاهرة سنة 1923 م.
شرح كتاب الملاحن لابن دريد، وطبع عدة مرات في كل من مصر وعمان.
النقد الجليل للعتب الجميل (رد فيه على محمد بن عقيل العلوي الذي طعن في مذهب أهل الحق والاستقامة)، وقد صدر بالقاهرة لأول مرة سنة 1924 م، ثم أعيد طبعه بعمان عن مكتبة الضامري للنشر والتوزيع سنة 1414هـ/ 1993 م
الفرق بين الإباضية والخوارج. طبع عدة مرات في الجزائر، ومصر، وعمان.
و قد أشار أبو اسحاق في مراسلاته للشيخ أبي اليقظان إلى عدة مؤلفات أنجزها أو هو في صدد إنجازها وظلت مخطوطات لم تر النور، ولم يعثر عليها إلى حد الساعة، وهي:
موجز تاريخ الإباضية
المحكم والمتشابه
عصمة الأنبياء والرسل
الأقوال السنية في أحوال قطب الأئمة، أشار إليه في هامش كتاب الدعاية إلى سبيل المؤمنين، ص109
القطب اطْفَيَّش
صلاة السفر
منهاج السلامة فيما عليه أهل الاستقامة
تفسير سورة الفاتحة
الفنون الحربية في الكتاب والسنة
مختصر الأصول والفقه للمدارس
كتاب النقض
و في ميدان تحقيق التراث نجد له ما يلي:
تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان للشيخ السالمي في جزأين. مطبوع عدة مرات بعمان
شرح النيل وشفاء العليل، معتمد الإباضية في الفقه، الأجزاء الثامن والتاسع والعاشر، مطبوع عدة مرات في مصر، والجزائر، ولبنان، والسعودية، وإيران
جامع أركان الإسلام، من تأليف سيف بن ناصر الخروصي العماني، مطبوع عدة مرات بمصر، وعمان
شامل الأصل والفرع، من تأليف القطب اطفيش، طبع عدة مرات بمصر، والجزائر، وعمان
مسند الإمام الربيع بن حبيب في الحديث، طبع عدة مرات في مصر، والجزائر، وعمان
الذهب الخالص، من تأليف القطب اطفيش، طبع عدة مرات في مصر، والجزائر، وعمان
كتاب الرسم، من تأليف القطب، ومن شرحه وتحقيقه، طبع عدة مرات في مصر، والجزائر، وعمان
كتاب الوضع (مختصر في الأصول والعقيدة) من تأليف أبي زكريا يحي الجناوي، طبع بالجزائر، ومصر، و عمان عدة مرات
يمتاز أبو اسحاق في كتاباته بشخصية قوية، ويدل في تحليلاته للأوضاع والقضايا السياسية والاجتماعية والدينية على سعة في المعرفة، واطلاع جم على الأحداث، ومواكبة حية لتطوراتها، وثبات راسخ في الموقف والتوجه.
وفاته
في أخرىات حياته اشتد عليه مرض في '"البروستاتا"' استدعى إجراء عملية جراحية عاجلة، غير أن القدر كان أسبق، فوافته منيته بعد أيام قليلة من اشتداد المرض، فانتقل إلى رحمة الله، وذلك سحر يوم 20 شعبان 1385هـ الموافق لـ 13 ديسمبر 1965م، وصلى عليه في جامع المطرية الشيخ محمد المدني عميد كلية أصول الدين بالأزهر الشريف، وشيعت جنازته بحضور كثير من العلماء ورجال الفكر في مصر، وووري جثمانه في مقبرة آل الشماخي، كما أوصى