إذا مشيت يوماً .. كئيباً .. حزيناً
تقطع مسافات العتمة ..
وتجوب مدن الخوف ..
ترتدي معطفاً سميكاً ضد عواصف الذكرى
وتمشي بعيداً لئلا ترافقك الوحدة ..
تطالع كل شيء كأنك تعرفه دون أن تعرفه ..
تخوض ليل البحر الهائج ..
وتبحث عني في تلاطم أمواجه
تعوم رمال الصحاري
وتبحث عني في دفئها ..
تركض وتركض وتركض ..
تجري وراء سرابٍ ظننته طيفي
وتمشي خلف رائحة توهمتها عطري
فاعلــم ..
أنّني ما زلت أسكن شرايينك ..
وما زلت موجودة ..
في "شارع الحنين" …
.. .. ..
إذا عزمت يوماً على النجاح
ورأيت أفخاخاً نُصبت لك ..
لأجل أن لا تحقق حلمك
فتذكر أن ثمة من تكلف الصعود إلى أعلى الجبل
لكي يمسك بيدك ..
فتصل إلى القمة وهو معك …
إذا أغضبك يوماً أحدٌ ما ..
وأقفل آخرٌ باب التفاهم في وجهك ..
ورفض الكل أن يسمع وجهة نظرك ..
فتذكر أن ثمة من تمنى أن يسمع صوتك ..
ويقبّل يديك بكل ودّ ..
وينفّذ ما تحب
حتى ينعم بابتسامتك الراضية …
إذا عدت يوماً كَسِيرَ الرأْس
مفتور العزيمة ..
تعباً .. مرهقاً ..
كلّ ما تتمناه أن لا شيء يعرقل طريقك نحو بيتك
فتذكر أن ثمة من يتمنى أن يحملك ذات حلم ..
ويطير بك نحو بيتك على أجنحة الراحة ..
إذا خالجتك يوماً مشاعر الفرح
ورقصت أمامك طيور الأنس
وتمنّيت أن تجد من يشاركك إحساسك الضاحك
فتذكر أن ثمة من تمنى أن يشاركك البكاء ..
لأجل أن ينعم معك بلذة "المشاركة" …
.. .. ..
إذا أويت يوماً إلى مضجعك ..
وعاف النوم جفنيك ..
وظللت هكذا لا نائماً ولا مستيقظاً
فاعلم أن أحداً حينها كان يناجي قلبك …
إذا قررت يوماً أن تكتب حزنك ..
فلم تجد أسلوبك
وبحثت في ذاكرتك ..
فلم تجد كلماتك
وحاولت النطق بشعورك ..
فلم يخرج منك شيء ..
فاعلم أن أنين الروح يطغى على كل معاجم العقل …
إذا أحتجت يوماً لدموعك ..
وتعسّر عليك خروجها
وحاولت أن تصرخ مراراً
فلم يخرج منك أي صوت ..
فاعلم أن ذكرى حبك أكبر من أن تجزع عليها …
.. .. ..
إذا مضت الأيام ..
وانطوت السنون ..
وانهمكت في شؤون حياتك ..
وفرحت مع الناس .. وحزنت مع الناس ..
فتذكر أنه لن يزل من يسكنك ..
ويحزن إذا حزنت .. ويفرح إذا فرحت ..
ويموت إذا غبت …
إذا نظرت يوماً إلى المرآة ..
ولم تر نفسك ..
وناديت الناس ..
فلم يجيبوا نداءك ..
فاعلم أنني متّ …
إذا امتطيت يوماً صهوة الوفاء
وقررت أن تذهب إلى مقهى الذاكرة
لتنقّب عن أشلاء حبّ ..
كان كيانك يوماً ما
فلا تنس أني سكنت فيه ذات ذكرى …
.. .. ..
إذا ارتكبت يوماً الحنين إليّ ..
فاعلم أني لا أبرح في ذلك الشارع