النساء المُعلقات.. مشكلات كثيرة

جاء
الإسلام ليهدم كل الأعراف والتقاليد الجاهلية، التي حرمت المرأة من كل
شيء، وسلبت إرادتها وكرامتها، وأكد أن المرأة مثلها مثل الرجل في الحقوق
والواجبات، دون تفريق أو تمييز إلا ما يتعلق بالطبيعة الجسدية لكل منهما.

ومع
أن الإسلام كرّم المرأة وأعلى من قدرها، مازالت بعض العادات الجاهلية
موجودة في مجتمعاتنا المسلمة، منها مشكلة "تعليق النساء"، وهذه في الحقيقة
من أخطر المشكلات التي تتعرض لها المرأة، لاسيما أنها لا تحصل على حقوقها
الشرعية سواء المادية أو المعنوية التي تتمتع بها المرأة المتزوجة، ولا هي
تحصل على ذات الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة المُطلقة.

وللأسف
الشديد قد يلجأ بعض الأزواج ممن لا يخافون الله إلى تعليق زوجته، للانتقام
منها أو شعوره بلذة جراء معاناتها، أو تهرباً من الوفاء بحقوقها المالية
بعد الطلاق، ناسياً أنه يرتكب جرماً عظيماً، ويخالف التعاليم الإسلامية
السمحة، التي نظمت العلاقة الزوجية أرقى تنظيم، فقال ربنا سبحانه وتعالى في
محكم آياته: وَإِذَا
طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً
لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ
تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ
عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ
يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيم.

ولاشك
أن المرأة المعلقة تشعر بمعاناة جسدية ومعنوية وعاطفية كبيرة، وللأسف قد
تمضي سنوات عديدة بين أروقة المحاكم لكي تحصل على ورقة الطلاق، لتبدأ بعدها
حياتها الجديدة، التي ربما لا تختلف معاناتها فيها عن معاناتها وهي
مُعلقة، لاسيما أن نظرة المجتمع مازالت قاصرة للنساء المطلقات والمعلقات،
حيث يتهمها البعض بالتقصير في الواجبات الأسرية، والبعض الآخر يحسب عليها
حركاتها وسكناتها، وقطاع ثالث من الرجال يرفض الزواج منها.

وتعج
المحاكم السعودية بآلاف القضايا للنساء المعلقات، التي قد تستمر لسنوات
طويلة، حتى تحصل المرأة على حقها في الطلاق، حيث يقول المحامي والمستشار
القانوني هادي بن علي اليامي أن ما يقارب 10% من القضايا التي توكل إلى
المحامين في المكتب متعلقة بقضايا المرأة من الطلاق والخلع والحضانة.

مضيفاً
أن الإجراء المتخذ في قضايا المعلقات، أو الراغبات في تطليقهن من أزواجهن،
هو محاولة الوصول إلى حل ودي في البداية، يرضي جميع الأطراف، وإذا لم يكن
هنالك نتيجة، تُرفع القضية للمحكمة، ويحيلها القاضي إلى لجنة الإصلاح
للمحاولة مجدداً في إيجاد حل وسط يرضي كافة الأطراف، وبشكل ودي، وفي حال
عدم التوصل إلى هذا الحل، ترفع القضية للقاضي، للنظر فيها.

عادة جاهلية:

وحول
تلك الجريمة التي تُرتكب بحق المرأة، ذكر الداعية الإسلامي أحمد الغريب ـ
عضو الجمعية الشرعية الرئيسية في مصر أنه في الجاهلية كان عدد مرات الطلاق
غير محدود، فكان من الممكن أن يُطلق الرجل زوجته عشرات المرات، وكذلك
"الإيلاء" والمقصود به أن يحلف الرجل ألا يمس زوجته، وقال عنه الله سبحانه
وتعالى في القرآن الكريم: لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وفي هذه الحالات كانت المرأة تترك كالمعلقة، لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.

ولما جاء الإسلام حرّم ذلك، فقال في محكم آياته:الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍالبقرة:
229، ثم حدد الله سبحانه وتعالى " الإيلاء" بأربعة أشهر، وإذا رغب الزوجان
الرجوع للحياة الزوجية خلال هذه الفترة، فلا بأس، وإذا لم يرغب الطرفان في
استكمال الحياة فعلى الزوج أن يطلق زوجته.

وأكد الغريب لـ (موقع وفاء لحقوق المرأة) على
أن تعليق المرأة يحرمها من حقوقها الشرعية التي كفلها الله لها، كما يسبب
لها معاناة هائلة، كونها بعيدة عن زوجها، وفي نفس الوقت ينظر لها البعض
نظرة دونية، ويعتبرها البعض سهلة المنال، محاولاً استغلال ظروف حرمانها
العاطفي والجسدي.

وأضاف
غريب أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتفقد أحوال الرعية ليلاً،
فسمع صوت امرأة تقول: "ألا طال هذا الحال واسود جانبه، وليس جنبي خليل
ألاعبه، فوالله لو الله تخشى عواقبه، لحُرّك من هذا السرير جوانبه، مخافة
ربي والحياء يلفني، وإكرام زوجي أن تُنال مراكبه"، فقال سيدنا عمر لسيدنا
عبد الرحمن بن عوف علّم هذا البيت، وفي الصباح سأل عن البيت، فعرف أن زوجها
غائب في الجهاد، فذهب إلى ابنته حفصة رضي الله عنها وسألها كم تتحمل
المرأة عند غياب زوجها؟، فقالت له: أربعة شهور وفي رواية ستة شهور، وبناءً
على ذلك أصدر أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب قراراً يقضي بألا يغيب أي
رجل في الجهاد عن زوجته أكثر من ستة أشهر.

والرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ"، ومعنى ذلك أن المرأة إذا طلبت
الطلاق لوقوع ضرر عليها من زوجها أو جراء هجر الزوج لها، يجب ألا تمتد
قضيتها في المحاكم أكثر من ستة أشهر، حتى لا تترك المرأة مُعلقة لفترة
طويلة، تسبب لها مشكلات نفسية لا تحمد عقباها.

ودعا
الغريب القضاة بسرعة إنجاز قضايا طلب الطلاق من المرأة، لأنه كما يقال "
القضاء الناجز عدالة"، إذ يجب أن يحصل كل ذي حق حقه، مشدداً على أن اتباع
تعاليم الدين الإسلامي كفيل بالقضاء على كافة أشكال الظلم التي تتعرض لها
المرأة.

مطالباً
الأزواج بضرورة أن يتقوا الله في زوجاتهم، وألا يحرموا المرأة من حقوقها
الشرعية سواء في الزواج أو الطلاق، حتى تستقيم الحياة، خاصة أن المرأة
بطبيعتها ضعيفة ومكسورة الجناح، فيجب مساعدتها في الحصول على حقوقها.

ظلم للمرأة والأبناء:

من
جانبها استغربت الأخصائية الاجتماعية هبة القاضي وجود مثل هذه التصرفات
والعادات والتقاليد الجاهلية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، على الرغم
من وضوح الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، التي حرّمت كافة أنواع
التمييز ضد المرأة، سواء كان التمييز عضل أو تعليق أو عنف أو غيره من
الأمور التي يجب التصدي لها بكل قوة للقضاء عليها، خاصة أنها لا تمت
لتعاليم الإسلام بصلة، هذه التعاليم التي صانت المرأة وحفظت حقوقها، ودعت
إلى حسن معاملة الزوجة، حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "
إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم".

وأكدت القاضي في حديثها لـ (موقع وفاء لحقوق المرأة ) أن
تعليق المرأة ظلم كبير لها وامتهان لكرامتها وعفتها، مفسرة هذه الظاهرة
بضعف الوازع الديني لدى الرجال، أو لدى المجتمع ككل، مبينةً أن المرأة نصف
المجتمع، فإذا تعرضت لظلم، فالمجتمع كله يصيبه السوء، ولا يستقيم حاله، إلا
إذا حصلت المرأة فعلياً على حقوقها.

وأضافت
القاضي أن تعليق المرأة لا يؤثر عليها فقط، بل يمتد التأثير على الأولاد،
فمن ناحية معاناتها النفسية والجسدية، ومن ناحية أخرى معاناة أبناءها،
نتيجة هجر الزوج لها، وعدم وجود من يتكفل برعايتهم، ففي بعض الحالات يرفض
أهل الزوجة الإنفاق على أبناءها، وتكون في هذا الوقت في حيرة كبيرة ومعاناة
شديدة، وأحيانا أخرى يرفض أهلها حتى إقامتهم معها في بيت العائلة، معللين
ذلك بأنه انتقام من زوجها الذي لا يراعي الله فيها.

وأوضحت
أن الأبناء الذين تربوا في هذه البيئة المليئة بالمشكلات والمعاناة، ماذا
تنتظر منهم؟، هل تنتظر أن يكونوا أفراداً صالحين في المجتمع؟، بالطبع لا،
سيكونوا أكثر عرضة للانحراف وأصدقاء السوء، وبعضهم قد يتجه لتعاطي المخدرات
حتى يهرب من واقعه السيئ، ويؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى تزايد معدلات
الجريمة والانحراف في المجتمع.

الدراسات
الاجتماعية تؤكد أن السبب الرئيسي في انحراف الأبناء هو غياب دور الأب أو
الأم في عملية التربية والتنشئة، لاسيما أن الأسرة هي الحاضن الأول
للأولاد، وهي من تقوم بترسيخ العادات والتقاليد في نفوسهم، فإذا لم يجد
الأبناء من يغرس فيهم هذه الأمور، يعانوا في هذه الحالة مما يطلق عليه "
فراغ فكري وقيمي"، وبالتالي يفقدوا القدوة الحسنة في حياتهم، ويؤثر ذلك
بالسلب على مستقبلهم.

وطالبت
القاضي بسرعة إنجاز قضايا النساء المعلقات التي تزايدت في الآونة الأخيرة
في المحاكم، وأن يضع القضاة نصب أعينهم معاناة المرأة المعلقة، ومعاناة
أسرتها بالكامل، والحالة السيئة التي تعيشها، خاصة مع رفض المجتمع المحيط
سواء كان الأهل أو الجيران لها، ونظرتهم السلبية لها ولأولادها، لذنب لم
ترتكبه، وهنا لابد أن تتغير نظرة المجتمع لها، باعتبارهم ضحية استخفاف
زوجها بالحياة الزوجية والحياة الأسرية.

وأوصت القاضي بضرورة أن يعي الأزواج أن تصرفاتهم المؤذية للمرأة سيحاسبون عليها أشد الحساب في الآخرة، مصداقاً لقوله تعالى: وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ التوبة
: 105، وهذا يدل أن الله مُطلع على كل أعمال العباد، ولابد للرجال أن
يتقوا الله في زوجاتهم، لأن أي ظلم للنساء تكون عاقبته وخيمة من الله
سبحانه وتعالى.

» يعانى الأطفال من مشكلات كثيرة، منها اضطرابات النطق والكلام لدينا الحل
» عالجي مشكلات شعرك فى 5 دقائق
» مصاحبة الابناءفؤائد كثيرة
» قنصل مصر بالعقبة: لا توجد مشكلات فى عملية نقل الحجاج
» قنصل مصر:لاتوجد مشكلات تواجه نقل الحجاج إلى ميناء نويبع