الدكتور احمد Admin
عدد المساهمات : 8263 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 01/06/2012 العمر : 31 الموقع : منتدي خلاصة تجاربي
| موضوع: ضريبة يدفعها الابناء الإثنين سبتمبر 17, 2012 8:31 pm | |
| عند انفراط أي عقد ثمين، تفتقد كل حبة من حباته لكثير من مظاهر الجمال التي كانت عليه قبل انفراط العقد، فقيمة جمالها تكمن في اجتماعها وتناغمها في شكل عقد، وهذا تماما ما يحدث بعد طلاق الوالدين،حيت يتفكك شمل الأسرة ويلتحق الأبناء بأحد الأبوين ويفتقدون للآخر, ومع هذا التفكك وتشتت الأسرة يفتقد الأبناء لمشاعر الجماعة ومشاعر الأمان والاستقرار وتبدأ المعاناة النفسية ورحلة طويلة من الشقاء.
الطلاق تجربة قاسية للأبناء
وعلى الرغم من تراجع الكثير من الأزواج والزوجات والعدول عن التفكير في الطلاق أو اختياره كحل نهائي لمشاكلهم, إكراما لأبنائهم وخوفا على نفسيتهم أو استقراهم و ضمانا لمستقبل أكثر إشراقا لهم, فعلى الجانب الآخر نجد الكثير من الأزواج ممن يضطروا لاختيار الطلاق كنهاية حتمية لحياتهم للخروج من أزمات حقيقية قد يسببها استمرار الزواج بينهما, وهنا يبقى الأبناء كقاسم مشترك مدى الحياة, وإن كان الباحثون يعتقدون بعدم تأثير الطلاق على الأبناء في أحيان قليلة من حالات الطلاق, فان السواد الأكبر والغالبية العظمى منه تخلف وراءها كارثة وتجربة نفسية قاسية يعيشها الأبناء مسببة لهم مزيدا من الألم والحرمان وكثيرا من الضياع والتوهان والتشتت وتترك غيوما ملبدة ومشاعر سلبية تحيط بخريطة مستقبلهم ....
والخلاصة, ضرر يحوم حول الأبناء من كل جانب وملاحقة المجتمع لهم لتسديد فاتورة لا يد لهم فيها, وبذلك يكون الأبناء هم الطرف الوحيد تقريبا المتضرر من إتمام الطلاق
أجاز الإسلام الطلاق في أضيق الحدود وعند استحالة الحياة فيما بين الزوجين، واستحالة الصلح بينهما وتحول حياتهما إلى جحيم لا يطاق بعد أن كانت السكينة والمودة عنوان لهما،وذلك حفاظا على كيان المجتمع واستقراره،
ولذا لم يغفل الإسلام عن تشريع حقوق الأبناء بعد طلاق الأبوين ضمانا لسعادتهم واستقرارهم وحفاظا عليهم من أي مكروه وحمايتهم من الانحراف والنصوص الدينية تحفظ لهم كل هذه الأمور والحقوق المتعلقة بالنسب والإرضاع والحضانة وأحكام النفقة وأحكام التربية
لذلك كان لزاما على الزوجين اللذان اتفقا على الطلاق أن يناقشا حضانة الأطفال والسكن والنفقة بشيء من المودة من أجل راحة الأبناء وعدم تعريضهم لمزيد من النكبات والصدمات, وهو مالا يحدث على أرض الواقع, فجل المشاكل إما بسبب الحضانة أو الامتناع عن النفقة وبالتالي عقبات أمام مقابلة الأبناء ورؤيتهم, والواقع المجتمعي الذي نعيشه مليء بالقصص الدرامية التي يندى لها الجبين ومن لا يراها تروي له سلالم محاكم الأسرة عما تراه يوميا والمواقف العصيبة التي يتعرض لها الأبناء عند طلب المحكمة رؤيتهم, وربما هذا ما دفع الأمين العام لهيئة الإعجاز العلمي بالمملكة العربية السعودية الشيخ عبد الله المصلح، لاستصدار فتوى تبيح بقاء الآباء والأمهات المطلقين مع أبنائهما في منزل واحد لرعايتهم مع الابتعاد عن أي من المخالفات الشرعية, الأمر الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط الدينية .
الآثار السلبية للطلاق على الأبناء :
جنة " طفلة صغيرة لم تتم سنواتها الأربع بعد, استدرجها والدها واختطفها لإرغام أمها على التنازل عن كافة حقوقها وحقوق ابنتيهما, وأمام حيلة الأب لم تستطع الأم أمام المحكمة إثبات اختطاف الوالد للبنت, ولا يوجد أمامها سوى خيارين لا ثالث لهم, إما التنازل وإما عدم رؤية طفلتها مدى الحياة,
فما هو السيناريو المتوقع لحياة جنة ؟
توصلت العديد من الدراسات والأبحاث الاجتماعية, بان حياة الأبناء بعد طلاق الوالدين, تكون أسوا حالا من حياة آخرين تحت مظلة الاستقرار الأسري ورعاية كلا الوالدين, وأكدت هذه الدراسات على الفروق الواضحة في تحصيلهم الدراسي واضطرابات سلوكية عادة ما تتمثل في السلوك العدواني وافتعال المشاكل مع أقرانهم, ومن هنا تتأكد العلاقة الطردية بين الصحة النفسية للوالدين والصحة أو الكفاءة العقلية للأبناء
كما خلصت دراسة حديثة في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت إلى أن أبناء الأبوين المطلقين يظهرون مواقف أقل ايجابية تجاه الزواج من الذين لا ينتمون لعائلات مفككة.
وأرجعت الدراسات أسباب الخلافات بين أبناء المطلقين وأبناء الأسر السليمة لل أسباب الآتية : - الطلاق غالبا ما يؤدي إلى فقدان الاتصال بأحد الوالدين مسببا افتقاد الأبناء للسكينة وانعدام الأمن والخوف من المستقبل وبالتالي تصارع الأسئلة داخل الأبناء حول الملامح الغير واضحة لحياتهم المستقبلية أو إمكانية توفر المتطلبات المادية وغيرها
- التغيرات التي تطرأ على حياة الأبناء بعد طلاق الوالدين من تغيير السكن أو الانتقال إلى مدارس أخرى وفقدان وقطع العلاقات مع الأصدقاء القدامى, كثيرا ما يصاحبها عدم القدرة على التكيف مع قرار الطلاق
-استمرار النزاع بين الوالدين المطلقين، ففي معظم الأحيان يكون الصراع عنوانا رئيسيا للعلاقة بينهما حول حضانة الأبناء أو تكاليف معيشتهم وأشياء من هذا القبيل تعود بالسلب على نفسية الأبناء
- إحساس أبناء المطلقين بظلم المجتمع وقسوته بسبب النظرة القاسية إلى المطلقة، كذلك النظرة الدونية إلى أبناء المطلقين وكأن المجتمع يعاقبهم على أشياء لم يقترفوها مما يسبب الانحراف الفكري والسلوكي لديهم
- زيادة معدلات الانحراف بين أبناء المطلقين، فقد يتزوج كلا من الأم والأب ويعيش الأبناء في رعاية الجد والجدة اللذان لا يسمح سنهما بالرعاية الكاملة أو مواكبة الأبناء والتواصل الفعال معهم، كذلك محاولة كلا الوالدين استقطاب الأبناء في صفهم و شراء رضاهم وحبهم بإغداق المزيد من الأموال عليهم وهو ما يجعل طريق الانحراف ممهدا أمامهم
ولكن كيف يجتاز الأبناء محنة طلاق الوالدين ؟ على الرغم من الألم الحتمي الذي يسببه الطلاق للأبناء, إلا أنه يمكن للوالدين مساعدة الأبناء على اجتياز هذه الفترة بأقل الخسائر كالآتي : - يجب على الوالدين التمهيد للأبناء قبل الطلاق والتحدث إليهم إذا كانت مراحلهم العمرية تسمح بذلك والتأكيد بأنهم ليسوا طرفا أو سببا فيما آلت إليه الظروف وتأكيد استمرار حبهما لهم حتى وإن كان الحب والتفاهم قد توقف بين الوالدين. - يجب على الوالدين التمسك بتعاليم الإسلام والتي ضمنت حقوق الأبناء لقوله تعالى لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ( البقرة 233 ) وكذلك الاتفاق على طريقة وأسلوب رعايتهم والاهتمام بالترتيبات التي تضمن لهم الاستقرار والأمان. - الحد من الصراع والعداء بين الوالدين بعد الطلاق وخاصة عند المطالبة بالحقوق ومحاولة كل طرف الحصول على أقصى استفادة والخروج بأقل الخسائر، وضرورة حل المشاكل بطريقة ودية إكراما لأبنائهم وعدم اللجوء إلى المحاكم قدر المستطاع.
- إدماج الأبناء في العديد من الأنشطة من خلال الاشتراك في أحد الأندية واللعب مع الأصدقاء وتوفير مزيد من الرعاية والحب لهم حتى وإن تطلب الأمر الاستعانة بالدعم الاجتماعي من المحيطين، أيضا مساعدتهم على التنفيس عن مشاعر الغضب بداخلهم بطريقة متزنة كالرسم أو أحد الهوايات المفضلة، بدلا من العنف والعدوانية
- عدم تقليل أحد الوالدين من شأن الطرف الآخر واللوم عليه تجنبا للصدمات العاطفية التي قد تصيب الأبناء ومراعاة استمرار علاقة الأبناء مع أهل كلا الوالدين. - المحافظة على الاتصال المستمر بالأبناء من قبل الوالدين،وخاصة الوالد لأنه غير الحاضن في أغلب الأحيان، من خلال مواعيد منتظمة للتلاقي والمكالمات التليفونية المنتظمة ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، كذلك على الوالدين أن يحرصا على التواجد سويا في المناسبات المختلفة والخاصة بالأولاد مثل حفلات المدرسة أو التكريم أو الخطوبة وغيرها من الحفلات الخاصة بالأبناء حتى لا يحس الأبناء بالضياع والنقص أو الغيرة
- تشير الدراسات أن الطلاق يسبب انخفاض التحصيل الدراسي وانخفاض في مستوى الطاقة لدى الأبناء والشعور بالإجهاد وارتفاع مستوى التوتر، ويمكن التغلب على هذه الأعراض بالاهتمام بالغذاء متكامل العناصر وممارسة الرياضة، ولا مانع من استشارة المختصين والمستشارين حال تطلب الأمر ذلك . | |
|