يقول الشاعر محمد إقبال: إن التعليم هو (الحامض) الذي يذيب شخصية الكائن
الحي، ثم يكوّنها كما يشاء، إن هذا (الحامض) هو أشد قوة وتأثيرًا من أي
مادة كيمائية، فهو الذي يستطيع أن يحول جبلاً شامخًا إلى كومة تراب)،
فالتعليم بمفرداته المختلفة سواء المعلم أو المنهج أو الأسلوب كلها تصب في
بوتقة واحدة،
يقول الشاعر "محمد إقبال": إن التعليم هو (الحامض) الذي يذيب شخصية
الكائن الحي، ثم يكوّنها كما يشاء، إن هذا (الحامض) هو أشد قوة وتأثيرًا من
أي مادة كيمائية، فهو الذي يستطيع أن يحول جبلاً شامخًا إلى كومة تراب)،
فالتعليم بمفرداته المختلفة سواء المعلم أو المنهج أو الأسلوب كلها تصب في
بوتقة واحدة، لذلك فإن اختلال كل تلك العناصر أو بعضها تؤدي إلى خلل في
المخرجات التعليمية، ويرى كثير من الباحثين أن المعلم يعد عصب العملية
التعليمية، من هنا ظهر الجدل حول تأنيث تعليم الأطفال في السعودية وغيرها
من الدول العربية والإسلامية.
والقضية هذه وإن كان لها شق تعليمي وتربوي فإنها شقها الآخر هو وضعية
المرأة والسعي إلى ما يعرف بـ(تمكين المرأة) حسب المصطلحات العلمانية.
وبين إيجابيات تأنيث التعليم وسلبياته. نورد ذلك التقرير.
إيجابيات تأنيث التعليم:
يستند دعاة التأنيث إلى دعاوي من أهمها:
1 . الأطفال في هذه المرحلة بحاجة إلى من يقوم بدور قريب من (الأم المعلمة)
2 . المرأة بطبيعتها أميل للعمل مع الأطفال وتعطيهم الحب والحنان في هذه السن من عمرهم أكثر .
3 . هناك متطلب في المجتمع يدعو إلى عمل المرأة كمعلمة أما: لانشغال الرجال
في بعض المجتمعات بأعمال الصناعة أو المجتمعات التي تكثر فيها الحروب أو
المجتمعات التي يعزف فيها الذكور عن العمل في هذا المجال وبعض المجتمعات
التجارية والعملاتية التي يفرق فيها الرجال عن العمل في التدريس – وبعض
المجتمعات التي يسبب التقاليد فيها تكتفي الفتيات بتعليم المعاهد الذي
يؤهلهن للعمل كمعلمات للأطفال.
ويرى الدكتور أحمد العيسى مدير كلية اليمامة سابقًا أن المرأة هي الأقدر
على تعليم الأطفال الذكور في مرحلة الصفوف المبكرة، وأنه لو أتيحت لها
الفرصة لذلك بشكل رسمي فسوف تحدث نقلة نوعية في معالجة بعض جوانب قصور
التعليم في السعودية، مشيرًا إلى أن الدراسات المعارضة لتأنيث تعليم الصفوف
المبكرة فيما يخص الأطفال الذكور ليست رصينة، وليس فيها ما يستحق النظر،
كما أنها ليست محكمة.
ويرى آخرون أن الجهد والعطاء الذي تبذله المعلمة أكثر مما يعطيه المعلم في
المدرسة وتدريس النساء أفضل من تدريس الرجال وهو شيء واضح وملموس من خلال
التجربة
سلبيات تأنيث التعليم:
* أما الدعاوي المضادة لحركة التأنيث؛ فهناك من يعارض حركة تأنيث هيئات التدريس بالمرحلة الابتدائية للأسباب التالية:
1 . طول تعامل الطفل مع المرأة قد يسبب مشاكل نفسية واجتماعية لاحقًا له.
فتأثير أسلوب المعلمة على الأبناء البنين يعد شيئًا سلبيًا لأن الطالب
يتحدث بعد ذلك بأسلوب نسائي وهذا لا يليق وهناك بعض الطلاب تتعدى أعمارهم
العشر سنوات وتشتكي المدرسات من هذه الفئة ويطلبن نقلهم إلى المرحلة
المتوسطة هروبا من تدريسهم أو نقلهن إلى مدارس البنات . بالإضافة إلى
الانعكاس السلوكي على الطالب نفسه، وميله إلى الليونة والميوعة وعدم تحمل
المسؤولية.
مجتمعيا بسبب أولويات الإناث في هذا العمل.
يقول الشيخ ناظم المسباح: إن ترك أولادنا للمدرسات يؤدي إلى نوع من التشبه
بسلوكيات المرأة، ويضيف في الحقيقة إن سلبيات تأنيث المرحلة الابتدائية
أكثر من إيجابياته؛ فالطفل في هذه المرحلة يتصرف ويتأثر بشخصية من يدرسه
ويتخذه قدوة ويحاكيه بحركاته، فعندما يقوم بهذه المهمة رجل فهذا هو المطلوب
لأن التلميذ يحاكي رجولة المدرس ويتعلم منه الرجولة.
في حين أكد الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن التويجري أستاذ الإدارة
التربوية المساعد بكلية العلوم الإدارية والإنسانية بجامعة المجمعة أن
الصفوف الأولية أساس التربية والتعليم، مشيرًا إلى أن كثيرًًا منا تأسس
جيدًا في تلك المرحلة، ولا يزال يذكر معلميها المبدعين وأضاف قائلاً: هذا
من جانب؛ ومن جانب آخر؛ فإننا كما نحتاج رحمة الأم ولطفها ورقتها نحتاج حزم
الأب وصرامته، ولذلك فإن تدريس المعلمات للطلاب سيطيل من فترة الطفولة
التي كان يعيشها في بيته، ولا بد يوماً أن ينتقل منها إلى حياة أكثر جدية،
وتحملاً للمسؤولية، وكما يجب أن يسمع الطفل الكلمات الحانية والرحيمة فإنه
لا بد أن يسمع يوماً من يقول له (لا) لو أخطأ.
وأردف أستاذ الإدارة التربوية قائلاً: إن كثيرًا من الدراسات أشارت إلى
الأضرار التربوية لاختلاط الجنسين على مقاعد التعليم، حتى لو كان بفصول
منفصلة، أو كان في الصفوف الأولية، وببحث سريع في شبكة الإنترنت سيجد
الباحث الكثير من الدراسات التي أكدت ذلك، وسيجد الكثير من الأخبار عن
مدارس عادت للفصل بين الجنسين لا لدوافع شرعية، بل لدوافع تربوية ونفسية
واجتماعية وتعليمية.. وقد سألت شخصياً إحدى مديرات المدارس في أمريكا
فأجابت (إن الآثار السلبية على تحصيل الطلاب والطالبات واضحة جداً بسبب
اختلاطهم في مدرسة واحدة، فهو يصرف اهتمام الجنسين إلى بعضهما على حساب
التحصيل)، ولا يمكن القول إن هؤلاء أطفال لا يميزون، فقد غدا الطفل اليوم
أكثر تمييزًا بكثير من ذي قبل نظراً لتعدد مصادر الخبرة والتعلم، وقد ثبت
بالشرع والعقل تمييز الطفل عند سن السابعة أو قبل ذلك أحياناً.
وأضاف: وأنا هنا أنقل إعلان وزير التعليم الفلبيني (ريكارد جلوديا) أنه
يرغب في تعيين عددٍ أكبر من المدرسين الذكور لتدريس التلاميذ الذكور؛ حتى
يتحلوا بصفات الرجولة بدلاً من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من
مدرساتهم.
وأنقل أيضاً خلاصة مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل
من مدارس ألمانيا الغربية وبريطانيا تدل على انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في
المدارس المختلطة، وأن مدارس الجنس الواحد (غير المختلطة) يرتفع الذكاء بين
طلابها. كما أن دراسة أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في بون
بألمانيا تبين أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات
إبداعية، وهم محدودو المواهب، قليلو الهوايات، وأنه على العكس من ذلك تبرز
محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد (غير المختلطة)
والسبب في ذلك انشغال كل جنس بالآخر عن الإبداع والابتكار.
ويشير الدكتور التويجري إلى ما ذكره الدكتور عبد العزيز الفوزان: عشت في
أمريكا سنوات, أذكر أكثر من جامعة مخصصة للبنات, لا يوجد فيها طالب ذكر
واحد, وبوش الرئيس الأمريكي السابق يذكر أن هذه التجربة ناجحة ورائعة ويدعو
جميع المدارس والجامعات إلى أن تعمل على الفصل بين البنين والبنات من أجل
تقوية التحصيل العلمي والوقاية من التحرش الجنسي.
كما أوضحت مجلة (سفنتيز) الأمريكية في استطلاع لها أن أعداداً كبيرة من
الفتيات يتعرضن لتحرشات غير أخلاقية ليست فقط في المدارس الثانوية، وإنما
تبدأ - أيضاً - من المدارس الابتدائية؛ حيث يتعرضن لهذه المضايقات من
التلاميذ الذكور، وكذلك من المعلمين انظر: جريدة الرياض - العدد (9150)
بتاريخ 26-1-1414هـ.
وختم الدكتور التويجري بمقولة للشيخ الحكيم علي الطنطاوي -رحمه الله- في
ذكرياته: والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير، ولا يحس إن نظر
إليها بمثل ما يحس به الكبير ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكرته فيخرجها من
مخزنها ولو بعد عشرين سنة, وأنا أذكر نساء عرفتهن وأنا ابن ست سنين، قبل
أكثر من سبعين سنة، وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن, وتكوين أجسادهن,
ثم إن من تشرف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها.
ويرى كثير من المراقبين أن الشق الاقتصادي والرغبة في تعيين عدد أكبر من
المعلمات في الإدارات التعليمية هو الدافع وراء فكرة تأنيث التعليم، إلا أن
تجربة تأنيث التعليم الابتدائي في دولة مثل الكويت ـ بدأت أولى محاولات
تأنيث التعليم بها في العام 1985ـ أفرزت كثيرًا من السلبيات ليس على مستوى
التلاميذ فقط بل من جهة المدرسات أيضًا اللائي تعرض بعضهن لمضايقات وألفاظ
غير لائقة من قبل بعض الطلاب الذكور، إلى جانب فشل بعضهن في ضبط الصف
والسيطرة عليه
.