كان فقط في التاسعة من عمره .. لكن المشهد لم يغب لحظة عن ذاكرته.. فهو
كـ'الماستر سين' في حياته.. التاسعة وعشرون دقيقة من صباح يوم الأربعاء 8
من إبريل 1970 كان الطفل 'سليمان' يلهو في قريته اكياد بمحافظة الشرقية مع
صديقه.
وفجأة يسمع صوت طائرات "الفانتوم" الإسرائيلية التي في ثواني
استطاعت أن تتم مجزرة " بحر البقر" بنجاح وتحول أطفال المدرسة لمجرد
"أشلاء".. اتجه سليمان مع صديقه ركضا في اتجاه المدرسة هنا رأي مشهد صادم..
أدي لتحول يومه من اللهو مع صديقه إلى المساعدة في انتشال جثث الأطفال..
ليعود بعدها في حالة ذهول.. أسبوع كامل تقريبا - بحسب رواية شقيقته - لم
يذق فيها "سليمان" طعم النوم.
سنوات تمر سريعا.. ويكبر سليمان.. ليصبح "سليمان خاطر" جندي الأمن المركزي الذي أطلق الرصاص علي مجموعة من الإسرائيليين.
اليوم الحاسم
5
أكتوبر من عام1985 أثناء قيام "سليمان" بنوبة حراسته المعتادة بالنقطة 46
بمنطقة رأس برقة بنويبع - جنوب سيناء - فوجئ بمجموعة من الإسرائيليين
يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فحاول منعهم قائلا "ستوب
.. نو باسينج! ! Stop .. No Passing" أي "قفوا .. ممنوع المرور" إلا أنهم
لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة فأطلق عليهم
الرصاص، فلقي7 مصرعهم وأصيب5 أخرين .
وسلم سليمان نفسه بعد الحادث،
وصدر قرار جمهوري بتحويله إلى محاكمة عسكرية، وصدر الحكم عليه في 28
ديسمبر عام 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاما.
مجنون أم بطل
قال
عنه النظام السابق أنه "مجنون"؛ حيث قال التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص
سليمان بعد الحادث أن سليمان "مختل نوعًا ما"، لكن الشعب اعتبره "رمز قومي"
وبطل وقف في وجه إسرائيل، لم تكن هذه النظرة لدي الشعب المصري فقط بل
الشعب الإيراني أيضا؛ فهم ينظرون إليه كبطل قومي، وهناك شارع رئيسي في
إيران أطلق عليه اسمه وهو شارع "خيابان شهيد سليمان خاطر" أى "شارع الشهيد
سليمان خاطر".
انتحار أم قتل
في
يناير من عام 1986 أعلنت السلطات المصرية نبأ انتحار سليمان خاطر في محبسه،
فيما اتهم البعض النظام السياسي آنذاك باغتياله، وقدمت أسرة سليمان خاطر
منذ شهور بلاغ للنائب العام يتهمون فيه "حسني مبارك" بقتل خاطر إرضاء
لإسرائيل، فيما اتهم شقيقه اللواء عمر سليمان رئيس المخبارات المصرية
السابق تحديدا بقتله.
فيما نفت صفحة اللواء عمر سليمان على موقع
التواصل الاجتماعي آنذاك هذا الاتهام، مدللين على ذلك أنه في هذا الوقت
الذي توفي فيه سليمان خاطر بمحبسه كان اللواء عمر سليمان يعمل رئيس لفرع
التخطيط في هيئة العمليات للقوات المسلحة، ولم يكن له أي علاقة بالمخابرات
الحربية أو العامة التي تم تعيينه كرئيس لها في 1993.
سواء قتل أم
انتحر إلا أن الحقيقة الوحيدة التي ستبقي هي مقولة "سليمان" قبيل وفاته
"أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه.. إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون
للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم
وطنيتهم"، وتوفي بعدها سليمان لتخرج الجماهير وتهتف في جنازته "سليمان خاطر
مات مقتول ... مات علشان مقدرش يخون"