السلف والأئمة يذمون ما كان من الكلام والعقليات باطلاً، وإن قصد به نصر الكتاب والسنة، فيذمون من قابل بدعة ببدعة، وفاسداً بفاسد . فالباطل يرد بالحق المحض، والبدعة ترد بالسنة الصحيحة:
قال الخلال: (أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: كتب إلى عبد الوهاب في أمر حسين بن خلف البحتري العكبري، وقال: إنه قد تنزه عن ميراث أبيه، فقال رجل قدري: إن الله لم يجبر العباد على المعاصي، فرد عليه أحمد بن رجاء فقال: إن الله جبر العباد، أراد بذلك إثبات القدر. فوضع أحمد بن علي كتاباً يحتج فيه، فأدخلته على أبي عبد الله، فأخبرته بالقصة، فقال: ويضع كتاباً؟ وأنكر أبو عبد الله عليهما جميعاً: على ابن رجاء حين قال: جبر العباد، وعلى القدري الذي قال: لم يجبر العباد، وأنكر على أحمد بن علي وضعه الكتاب واحتجاجه، وأمر بهجرانه بوضعه الكتاب، وقال لي: يجب على ابن رجاء أن يستغفر ربه لما قال: جبر العباد، فقلت لأبي عبد الله: فما الجواب في هذه المسألة؟ قال: يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء [فاطر: 8] .
وهذا الفخر الرازي يرد على النصارى قولهم في إلهة عيسى بأن الإله لا يكون جسماً, ولا متحيزاً, ولا عرضاً ، ومعلوم أن هذه الألفاظ لم ترد لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في كلام سلف الأمة وأئمتها، بل هي ألفاظ محدثة مبتدعة، فيكون قد رد باطلهم بنحوه.
وفي باب الصفات رقى المعتزلة ونحوهم – للرد على الشبهة – سلم النفي والتعطيل، قال ابن قتيبة رحمه الله: (وتعمق آخرون في النظر وزعموا أنهم يريدون تصحيح التوحيد بنفي التشبيه عن الخالق، فأبطلوا الصفات، مثل: الحلم والقدرة والجلال والعفو وأشباه ذلك...) .
وأراد بعض مثبتة القدر الرد على نفاته، فأنكروا فعل العبد واختياره. والشيعة أرادوا الإنكار على الخوارج الذين كفروا علياً رضي الله عنه فوقعوا في سائر الصحابة –عدا آل البيت- تكفيراً وتفسيقاً، وقالوا: لا ولاء إلا ببراء.
وهكذا، فمن لم يعتصم بالكتاب والسنة في مناظراته لم يسلم من مثل هذه البدع