يدعو الإسلام إلى كل ما من شأنه أن يبقي ترابط الأسرة المسلمة إلا أنه
أبقى للزوجين الحرية في حال رغبتهما في الانفصال، لكنه جعل الطلاق على
مراحل ورتب لكل مرحلة أحكام، والمتأمل في أحكام الأسرة في الإسلام يلحظ
أنها تعطي فرصة للزوجين لمراجعة قرارهما،ومن هنا كان الطلاق في الشريعة
الإسلامية على نوعين طلاق رجعي و طلاق بائن، والطلاق البائن نوعين بينونة
صغرى و بينونة كبرى. و يعقب الطلاق الرجعي و الطلاق البائن بينونة كبرى
عدة، و نظراً لاختلاف أحكام كل منها اختلفت أحكام العدة بينهما .
وما يهمنا هنا هو أحكام العدة في الطلاق الرجعي .
الطلاق الرجعي هو أن يطلق الزوج زوجته طلقة أو طلقتين ما لم تمض عدتها، فإذا مضت عدتها انقلبت إلى بائن. بينونة صغرى.
و العدة هي: ما تمكثه المرأة بعد طلاقها، أو وفاة زوجها، لمعرفة براءة رحمها .وبعدها يجوز لها أن تخطب وتتزوج بغير طليقها.
وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة وعندها لا تحل له إلا بنكاح جديد بولي وشاهدي عدل.ومن شروط صحة الرجعة :
1.أن يكون الطلاق دون ما يملك من العدد أي أقل من ثلاث طلقات.
2.أن تكون المطلقة مدخولاً بها، فإن طلق قبل الدخول فليس له رجعة.
3.أن يكون الطلاق بلا عوض.
4.أن يكون النكاح صحيحاً.
5.أن تكون الرجعة في العدة.
6. أن تكون الرجعة منجزه.
ويسن الإشهاد على الرجعة بل قيل بوجوبه لقوله تعالى:"
وَأَشْهِدُوا
ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ
يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً "الطلاق2
من أحكام العدة في الطلاق الرجعي يقول الفقهاء إن الطلاق الرجعي لا يزيل الملك و لا الحل ما دامت العدة
قائمة. و الواجب على المرأة أثناء عدتها أن تبقى في منزلها امتثالاً لقوله
تعالى : (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا
الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ
مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ
فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )الطلاق/1 و لها أن تتزين و تتجمل و علل
سبحانه و تعالى الأمر ببقاء المرأة في منزل الزوجية بقوله تعالى ( لَا
تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الطلاق/1
فبقاؤها في المنزل مدعاة لندم الزوج و تراجعه عن طلاقه. و إن كان الحاصل في
مجتمعاتنا اليوم خلاف ذلك فما أن تطلق المرأة حتى تسارع في الخروج من
منزلها إلى منزل ذويها .
الحكم الثاني هو جواز إرجاع الزوجة بدون مهر ولا عقد جديدين.
أما الحكم الثالث من أحكام
العدة في الطلاق الرجعي فهو تحديد أمد الزوجية بمدة معينة حتى انتهاء فترة
العدة بعدها تحصل الفرقة، و يكون من حق المرأة الزواج بآخر، و لا يملك
العودة إليها إلا برضاها و بعقد و مهر جديدين على ما بقي من الطلقات. أي
أنه إن كان طلقها مرة واحدة فلن يتبقى له إلا طلقتان
أما الحكم الرابع فهو بقاء التوارث بين الزوجين طوال فترة العدة
والحكم الخامس إذا انتهت العدة فلا توارث بينهما.
أ
ما الحكم السادس فهو خاص بمن
لديه أربع زوجات وطلق إحداهن فلا يجوز له أن ينكح زوجة خامسة حتى تنقضي
عدة زوجته المطلقة،ومثله من أراد أن يتزوج بأخت أو عمة أو خالة طليقته أو
ببنت أختها أو بنت أخيها فلا يجوز له أن ينكحها إلا بعد انقضاء عدة طليقته.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.