يُحْكى أنّهُ كانَ في قديمِ الزّمانِ
مَلِكٌ،
شقَّ فِي مملكتِهِ شارعاً عَرِيضاً،
وَجعلَ لَهُ أَرْصفةً مُبلّطةً بِأترفِ الرّخامِ، لتسير الرّعيَة بأمان،
غرسَ فيها أشجارَ جَوزٍ وَلَوزٍ وَرُمّانٍ، ليَأْكلَ الجَائِعونَ،
وَثبَّتَ فيهِ لافتاتٍ كهربائيّةً، ليلاً تُومضُ وَتنطفئُ، لِهِدايةِ السّائرين،
وَبينَ مرحلةٍ وَأخرى أقامَ عليْهِ جسوراً تُعبَرُ بِأدراجٍ مُتحرّكةٍ، لِرفاهِ الرَّعيّةِ،
وَبنى عليْهِ مواقفَ وَمِظلاّتٍ تحتَهَا كَرَاسٍ وَطاولاتٌ مِنَ الخَيزُرانِ لِراحةِ العابرينَ.
لكنَّ الرَّعِيَّةَ بَقِيَتْ تزدحمُ في السّوقِ،
وَذاكَ الشّارعُ الباذخُ الَّذي أقامَهُ الملكُ لم يَسِرْ فيهِ أحدٌ،
بِحجّةٍ وَاهِيَةٍ تافهةٍ تذرَّعَتْ بها الرّعيّةُ؛ وَهِي
أنَّ هَذا الشّارعَ
أُقيمَ في مِنْطَقةٍ بعيدةٍ عَنِ العُمرانِ،
خاليةٍ تماماً مِنَ السّكّانِ.