يعتبر العمل الاجتماعي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عصرنا الحالي, ويكتسب أهمية متزايدة يوما بعد يوم, حيث أن الحكومات سواء في البلدان المتقدمة أو النامية, لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها، ولذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تقوم بملء المجال العام، لتكمل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات الاجتماعية, ويطلق على هذه الجهة 'المنظمات الأهلية'.
وفي أحيان كثيرة يعتبر دور المنظمات الأهلية دور سباق في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً, وأصبح يضع خططا وبرامج تنموية تحتذي بها الحكومات.
وأكدت تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الشباب في مصر يمكن أن يكون قوة هائلة تعمل من أجل التنمية إذا شعروا بقيمتهم، وتمنح الفرص لتعلم جيدا، على عمل لائق، يكون لها صوت، والمشاركة بصورة منتجة في المجتمع، تحمل الزواج، وإقامة بيوت خاصة بهم.
وتحلل التقارير من منظور التنمية البشرية الفرص والقيود التي تواجه الشباب اليوم في مصر، حيث أن 25 في المائة من المصريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاما يهتمون بالمشاركة في التثقيف الصحي و قضايا الفقر والعمالة والإسكان .
كما استعرضت تقارير التنمية البشرية قصص نجاح الشباب التي تركز على المبادرات والبرامج والمشروعات، داعيا إلى مزيد من التشاور والتواصل بين الشباب والحكومة والمجتمع المدني، لضمان إدراج الشباب ومشاركتهم الكاملة في المجتمع.
وأكد الباحث خالد الأشموني في تحليله عن' العمل التطوعي التنموي والاجتماعي في مصر مقارنة مع كندا'، والتي نشرها على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي ' فيس بوك ' أن كندا يسكنها حوالي 34 مليون نسمة و بها حوالي 12.5 مليون متطوع ، أي أن أكثر من ثلث السكان يشتركون في مهام تطوعية، و متوسط وقت التطوع يتراوح بين 25 إلى 30 دقيقة يوميا أو 3.2 ساعة أسبوعيا، أي ما يعادل حوالي 2.1 مليار ساعة سنويا، بما يقابل 1.1 مليون وظيفة ، مما يدل على قوة روح المبادرة و التأثير الحقيقي الذي يجني ثماره المجتمع كله من العمل التطوعي .
وأضاف أن المتطوعين في كندا يعملون و يساهمون تقريبا في كل شيئ ، حتى وضع القوانين، والتوجيه والتدريس، يوصلون الطعام للمحتاجين، يقودون مبادرات و فعاليات واسعة في الدولة، يعقدون معسكرات تدريب و استطلاعات للرأي، يدربون المواطنين على الرياضة، يهتمون بنظافة الشوارع و المنظر العام و تزيينها، يقودون حملات للحفاظ على البيئة، يستقبلون الزوار و يرحبون بهم في بلدهم، يطلقون حملات لمكافحة الفقر، ينسقون حملات طبية للعلاج، مما يبذل فيه الوقت و الجهد و المعرفة.
وأشار الأشموني إلى أن يسكنها حوالي 85 مليون نسمة و ربعهم أي حوالي 21 مليون من الشباب، وطبقا لآخر الإحصائيات فإن الإقبال على التطوع و المشاركة الميدانية بين الشباب حوالى 3% إلى 6% بحد أقصى.
وأضاف : لو أخذنا 6% في الاعتبار أي ما يمثل 1.26 مليون شاب و شابة، سنجد أيضا أن 64% منهم ، أي حوالي 806 ألف شاب و شابة يعمل في الأعمال التطوعية الخيرية أو المؤسسات الخيرية و باقي النسبة التي تبلغ حوالي 453 ألف شاب و شابة يعملون في الأعمال التطوعية التنموية.
وأكد أن ما يحدث في مصر يعد تقصير من الدولة و المجتمع بشكل عام في قضية التوعية بحد ذاتها عن أهمية التطوع، و ليس بالضرورة سببه التكاسل أو الخمول من الشباب، بل على العكس، فقد وجدنا جميعا الشباب و الشابات يتهافتون على العمل التنموي بعد الثورة المصرية و لكن سرعان ما فتر هذا الحماس لسبب أو لآخر.
وطالب الأشموني جميع أبناء مصر بالتوعية بأهمية التطوع، وأن يتطوع كل منا و لو بساعتين فقط أسبوعيا في نشاط تنموي اجتماعي يجد أنه مفيد، ويتفق مع تخصصه وميوله الاجتماعية لتنمية ورفعة شأن الوطن.