ظاهرة انتشار الطلاق التي انتشرت في المجتمع وكثرة وقوعه في السنوات
الأولى من الزواج مثار للجدل والنقاش في كثير من المنتديات واللقاءات ولما
كانت هذه الظاهرة شديدة الخطورة على المجتمع كان لنا هذا الحوار المختصر
مع المستشار الشرعي وائل السهلي...
ظاهرة انتشار الطلاق التي انتشرت في المجتمع وكثرة وقوعه في السنوات
الأولى من الزواج مثار للجدل والنقاش في كثير من المنتديات واللقاءات ولما
كانت هذه الظاهرة شديدة الخطورة على المجتمع كان لنا هذا الحوار المختصر
مع المستشار الشرعي وائل السهلي
س: الطلاق ازداد مؤخراً وأصبحت صكوك الطلاق تقارب في عددها صكوك الزواج !! ما الأسباب التي أدت إلى هذا الواقع المؤلم ؟؟
لا شك أن الطلاق وانتشاره مشكلة اجتماعية خطيرة ولها أسباب كثيرة ومتنوعة ومن أهم أسبابها:-
أولا: عدم الأخذ بشرع الله
عند اختيار الزوجين بعضهما لبعض فقد يختار الرجل زوجته على أساس الجمال أو
المنصب أو العائلة دون الاعتبار بالدين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول
في حديثِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ " مُتّفَقٌ عَلَيْهِ
وكذلك البنت قد تختار زوجها على أساس المال أو المنصب أو العائلة أو تقبل
من يختاره لها وليها دون الاستفسار عن دينه وخلقه, فالخلق هام جدا عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ
مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ
فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"
ثانيا: عدم
رؤية الزوجين بعضهما البعض الرؤية الشرعية التي لا يستطيع الأطراف من
خلالها التحدث والتفاهم في حضور ولي المخطوبة فهذه الرؤية ينتج عنها
ارتياح النفس والقبول الروحي, فبعض العائلات لا تسمح بالرؤية وإن كانت بعض
العائلات لا تمانع من هذه الرؤية , حيث لهذه الرؤية الأثر الكبير في
استمرار العشرة واستدامتها.
وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة حين أخبره أنه خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذي
فالنظرة الشرعية التي تكون بحضور الولي وتبادل بعض العبارات من السلام
والتحدث عن الرؤية المستقبلية للأسرة توضح لكل من الزوجين فكر الأخر وحكمته
ومنطقه وطريقته في النقاش وطرح الأمور فهي مهمة في استمرار العلاقة
الزوجية ..
ثالثاً : عدم الشعور
بالمسئولية تجاه الآخر فقد ينشغل الزوج بعمله أو أصدقاءه أو غير ذلك من
أمور قد تكون تافهة في كثير من الأحيان كالانغماس في تشجيع فريق رياضي
ومتابعة الرياضة على حساب زوجته وأسرته والتزاماته الأسرية, وقد تكون
الزوجة كذلك مدمنة للأسواق ومتابعة لأحدث الأزياء أو غيرها مما يشغلها عن
رعاية بيتها وأسرتها.
رابعاً: تدخل الأسرتين في
حياة الزوجين بحيث يتدخل الأب والأم أو غيرهما ويطالبون الطرف الأخر بطلبات
يحققها للطرف الآخر وتدخلهما في الحياة الخاصة واتخاذ القرارات مما يشعر
أحد الطرفين بالضيق ويحمله على الأخر ويكون سببا في حدوث كثير من الخلافات
الزوجية.
س: إذا سمحتم لي كثير من الأزواج يشتكي التكاليف والطلبات الكثيرة التي تسبق الزواج فهل لذلك تأثير في وقوع الطلاق؟
التكاليف الباهظة التي ترهق كاهل الزوج مما يجعله مستديناً أو قليل
المال في أول زواجه وشعوره بما عليه من ديون وكون الزواج هو السبب في تلك
الديون المتراكمة يجعله في حالة نفسية قد تؤدي لإيقاعه الطلاق عند أتفه
الأسباب كردة فعل لمسبب تلك الديون وهو الزواج.
س: وهل للإعلام دور في وقوع بعض حالات الطلاق؟
القنوات الفضائية غير الشرعية ومشاهدة الزوج لما يعرض فيها من نساء
متبرجات ومتزينات وكذلك نظر الزوجة للرحال بما يظهرون فيه من لباس وتزين
يغري الطرفين فيتصور الزوج أو الزوجة أن الطرف الأخر لا بد وأن يكون بنفس
مستوى الجمال أو التزين ويغريه الشيطان لكراهية الطرف الآخر ويقع في قلب كل
منهما أن صاحبه ليس من كان يبحث عنه .
أو يتحول والعياذ بالله إلى عاشق لتلك الصور ولا يهتم بشعور الطرف الآخر
حين يلاحظ نظراته وإعجابه بتلك الشخصيات والصور بل قد يزيد الأمر فيثني على
تلك الشخصيات بل قد يوجه النقد الصريح للطرف الآخر فتنشأ الخلافات التي
تنتهي بالطلاق.
س: يبدو بارك الله فيكم أنكم أتيتم على أهم الأسباب ووضعتم يدكم على الجرح ... ولكن ما هو العلاج الناجع لذلك وفقكم الله ؟؟
أولاً: أن يكون الدين هو الأساس في اختيار الزوج والزوجة.
ثانياً: أن تخفف الأسر من تكاليف الزواج فلا ترهق كاهل الزوج بالطلبات والالتزامات.
ثالثا: على
الأسر أن تحسن التربية للجنسين من حيث الخلق والدين ومن حيث تحمل
المسئولية ما يخص الولد وما يخص البنت, مع التأهيل الجيد لتحمل مهام الزواج
فهذه مسئولية الأسرة من الصغر وحتى يصل الابن والبنت إلى سن الزواج فينتشر
عند كثير من الناس - رجالا ونساء - أن الابن والبنت إذا وصلا حدا معينا لا
يقومون تجاههم بالنصح والتعليم والتوجيه بحجة أنهم متعلمون ويحملون شهادات
قد تفوق ما تعلمه الأب والأم وهو خطأ شائع؛ بل على الأسرة واجب النصح
والتعليم والتوجيه لكل من في البيت كبارا وصغارا، بل قد يحتاج الابن والبنت
المشورة بعد الزواج فيكون للنصح والخبرة والتوجيه السليم دور كبير في نجاح
الأسرة الجديدة.
رابعا: أن تقوم الدوائر
الحكومية والاجتماعية والتعليمية والجهات الخيرية بدورها في التربية
والتأهيل لتكوين الأسر الناجحة فيكون ذلك التوجيه في مناهج التعليم ويكون
للجهات المعنية بالأحوال الاجتماعية والأسرية الدورات والبرامج المساعدة
على تحمل مسئولية الزواج.
وكذلك على الدعاة وخطباء المساجد دور كبير وهام في إثارة الموضوع وبيان
أهمية تكوين الأسرة على أساس الدين وبيان مساوئ الطلاق وأسبابه وكيفية تجنب
الوقوع فيه .
خامسا: للإعلام دور كبير في
التوعية والتوجيه سواء كان الإعلام المقروء أو المسموع أو المشاهد إذا اهتم
بهذه القضية وبين مخاطرها وعالج أسبابها بالكتابة واللقاءات والبرامج
الهادفة فعلى وسائل الإعلام القيام بدورها في محاربة ظاهرة انتشار الطلاق
وبيان أضراره على الأسرة والمجتمع.
س: من واقع المسئولية ماذا تقولون عبر موقع وفاء لحقوق المرأة ؟
على المؤسسات المعنية بالمرأة وحقوقها أن تتبنى هذه القضية وتعمل
على تنمية فكر وثقافة الروابط الأسرية ومن ذلك بيان أسباب الطلاق ومخاطره
وطرق التقليل منه من خلال الدورات التدريبية والبرامج التفاعلية ومن خلال
المواقع الإلكترونية التي تهتم بالأسرة والمرأة مع عدم السلبية تجاه ما يقع
من حالات طلاق من محاولة لم الشمل والتوفيق وعند استحالة الأمر أن تهتم
تلك المؤسسات بقضايا المطلقات وتأهيلهن للعيش والتعايش, وعدم تحميل المرأة
مسئولية الطلاق دائما ومساعدة المطلقات في بدء حياة جديدة قد ينتج عنها
الخير الكثير لهن وللمجتمع.
س: وهل ترى بارك الله فيكم أن العلم بأحكام الطلاق له تأثير في تقليل نسبة وقوع الطلاق أو الاستمرار في الإصرار عليه؟
مما لا شك فيه أن علم الزوج بكيفية الطلاق الصحيح من أهم أسباب تراجع الزوج في قرار الطلاق
فلا يوقعه الزوج على زوجته وهي حائض ولا في طهر جامعها فيه مما يعطي الفرصة
والوقت فيتنبه الزوج لخطورة ما قد يقدم عليه ويتروى ويرى رأيه الذي يتخذه
بعيداً عن الانفعال فقد يتخذ قرار الطلاق في وقت الخلاف ويجري على لسان
الزوج بدون تروي وقد يظهر للزوجة حمل أثناء انتظار الزوج ليوقع الطلاق
الشرعي؛ مما يجعله يتراجع عما نواه وفي معرفة وتطبيق أحكام الطلاق تقليل
كبير لنسبة الطلاق.
كما أن معرفة الزوجة بأحكام عدة المطلقة وكونها تعلم أحكام المطلقة ويعلمها
زوجها مدعاة للرجعة فكثير من الزوجات والأزواج بمجرد وقوع الطلاق تغادر
الزوجة منزل الزوجية أو يغادره الزوج مما يسبب البعد والإصرار وعدم
إمكانية الصلح لا سيما إن وافق أهلا غير متفاهمين ولم يهتموا بالصلح فعلى
المطلقة البقاء فترة العدة في بيت زوجها في حال الطلاق الأول وكذلك الثاني
وكذلك حال حملها مما يُكون هناك فرصة لعودة المياه لمجاريها لا سيما إذا
فقهت الزوجة أنها في العدة تتزين لزوجها وتخدمه وتتعامل معه فيكون ذلك سبب
للصلح وما شرع الله حكما إلا وفيه الخير الكثير
.
موضوع: شبح يهدد المجتمع 
الإثنين سبتمبر 17, 2012 8:38 pm
