رسالة من القلب إلى كل امرأة
بل إلى كل أم غالية، إن الله عز وجل قد أعطاك نعمة عظيمة ألا وهي الأبناء،
ومع تلك النعمة سهل الله لك أبوابا من الجنة تدخلين من أيها شئت، وذلك
بالمحافظة على نعمة الأبناء كما دل ديننا الحنيف، وإليك عزيزتي الأم
الغالية بعضا من الدروس والغايات الهادفة لتكون رسالتك في الحياة ناجحة،
وتستمتعي بالفعل بأن لك أبناء، سوف يتوجون رأسك بتاج ذهب يوم القيامة،
وربما أصبحت أما لشيخ عظيم أو شهيدة في سبيل الله، وأعلم أنك تشتاقين لأرصد
لك بعض النصائح أو العبر نعرف من خلالها "كيف تكون بيوتنا وتربية
أبنائنا؟".
رغم
المسئولية الموكلة إلى الأب، فإن الأم تتحمل النصيب الأكبر من المسئولية،
فهي أكثر مكثا مع أبنائها، لذا فمن الضروري استغلال تلك الأوقات في تعليم
أبنائها وتوصيل الفكرة إليهم من خلال الحوارات المتجددة على مدار اليوم كي
يتم غرس الأخلاق والآداب والدعوة في نفوسهم، لذلك أريد من كل زوجة وأم أن
تعلم أن الغاية من الإنجاب ليست حبا في الأطفال أو التباهي والتفاخر بين
الناس ولكنها مسئولية ألقيت على عاتقك لتحافظي عليها، ولتكن لك بصمة في
حياة أبنائك ليكونوا صالحين مصلحين،
القدوة الحسنة
ولتكوني
أنتِ لهم كما قال عمر بن عتبة: "ليكن أول إصلاحك لولدك إصلاح نفسك، فإن
عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت".
فهذا
كلام في غاية الجمال يرشد لكل امرأة إلى أن تبدأ بنفسها لتكون أما وقدوة
حسنة (كبر مقتا عن الله أن تقولوا ما لا تفعلون)، فكيف لأم أن تطلب من
أولادها ألا يكذبوا وهي تقع أمامهم مرات عديدة في الكذب، فلا يمكن إذن أن
يتعلموا الصدق،
دور أسري
فلا
تستقيم الحياة الأسرية إلا عندما تؤدي الأم، وكذا الأب الواجبات بطريقة
راقية وأسلوب سليم، فلا يغفلوا عن أبنائهم ولا يتركوا الحياة تعلمهم الغث
والسمين، أو يتركوهم لأصدقاء السوء، بل يكون همهم الأول هو إرشادهم
وتوجيههم لأحسن الأخلاق وأرقاها، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا
أنفسكم وأهليم نارا وقودها الناس والحجارة)، وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
وأيضا
إذا كانت الحياة بين الزوجين مستقيمة وسلسة كانت حياة أبنائهما خفيفة الظل
طيبة الروح دائمة السعادة متجددة الفرح، وكانت أجمل ساعات الأسرة حين
تجتمع معا.
ولتربية
الأطفال والتفاني فيها نصيب كبير بعد الممات، يقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية، أو
علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
الجمع بين المهام
الأم
العاملة اليقظة هي التي تستطيع أن تجمع بين حقوق أبنائها وزوجها وبين
عملها، ونجاحها في هذه المهمة صعب للغاية، إذ إنها تفتقر للوقت والجهد
الكافيين لممارسة مهامها مع أسرتها، وهنا دور زوجها ودور المجتمع للحفاظ
على حقوق الأم العاملة.
والأم
هي التي تصنع الرجال، فإذا قامت الأم بدورها صلح المجتمع كله، فهي القدوة
والأسوة لأبنائها، قال تعالى: (وليخشى الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا
خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا)، فتغرس الأم الصالحة في
أبنائها حب الله، فمن أحب الله فعل ما يرضيه، وتغرس أيضا الصدق في العمل،
والخوف من الله، وبر الوالدين.
دور أبوي
وعلى
الأب دور مهم في مساعدة الأم على القيام بدورها، فهو شريك الأم الرئيس في
تربية أبنائهما، ليس على المستوى المالي فقط بل يساند الأم في حل مشاكل
الأبناء وتربيتهم وتوفير جو الحب والسكينة والرحمة الذي من خلاله تستطيع
الأم تربية أبنائهما. فإن كان الأب على وعي كامل بأسس التربية والأم كذلك،
فإنه ينشأ أبناء صالحون في أسرة يسود بين أفرادها المودة والرحمة، قال
تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم
مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فإذا قامت البيوت على السكن
المستقر والود المتصل والتراحم، ضمنا بيئة تحسن فيها تربية الأبناء.
المؤثرات الخارجية
ولا نغفل أيضا المؤثرات الخارجية، فالإعلام،
كفيل بتشكيل عقلية الأبناء وتوصيل الفكر الخارجي إليهم، فلا بد أن تكون
الأم على علم بما يشاهده الأبناء من الإعلام وتوجِّههم إلى الخير وتشجعهم
على تلقي ما ينفعهم وعلى الاهتمام بالثقافة التي تنفع عقولهم ولا تدمرها.
ومن المؤثرات الخارجية المعلم و المعلمة
التي تنقل العلم إلى الأبناء فإن لها أثرا عظيما في نفوسهم، فهي بالنسبة
لهم عامل خارجي مؤثر فعال وقدوة لهم، فإن فعلت خيرا فهو خير، والعكس صحيح،
لذا يجب أت تكون معلمة الأبناء جديرة بتعليمهم، ولديها من الخبرة لتوجيههم
إلى القيم الإنسانية والإرشاد الديني، فإن كانت المعلمة غير صالحة والبيت
صالح فإنه يحدث عند الأبناء خلل في تعليمهم، فيُذكر أن الابنة الكبرى لإحدى
الأسر الصالحة جاءت يوما وقد صبغت خصلة من شعرها وعندما سألتها أمها قالت:
مثل معلمتي. فهي رأت أن هذا صوابا وليس فيه شيء مثلما فعلت المعلمة، فهي
تنظر إلى كل كبيرة وصغيرة تفعلها المعلمة، وتفعل مثلها، لأنها قدوة لها.
ومن المؤثرات الخارجية الأصدقاء
ودور الأصدقاء في حياة الأبناء ضروري لبناء شخصيتهم، ولقد دعا الإسلام
إلى اتخاذ الأخلاء والأصدقاء وتكوين علاقات أخوة، قال تعالى: "الأخلاء
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين"، وهنا دور الأم في إرشاد أبنائها لاختيار
أصدقائهم، الذين يجلبون الخير إليهم ويقفون بجانبهم في طريق النجاح، وكذا
تحذر الأم أبناءها من اتخاذ أصدقاء السوء كيلا ينجرفوا معهم في طريق الغي
والضلال.
ولا
نغفل أن للحكومات دورا مهما في تثقيف المرأة منذ صغرها، فهي تضع المناهج
والطرق التعليمية التي تشكل عقلية وثقافة المرأة التي تحتاجها في حياتها
لتربية أبنائها والقيام بدورها في المجتمع.
إن أثر الأم في أبنائها كأثر الماء في الزرع، فإن لم يسق لم ينمُ وذبل ومات، فكلما أعطت الأم إلى الأبناء كلما جنت منهم كل خير وبر.
برامج وأنشطة
المرأة
الذكية التي تضع برنامجا للأنشطة العملية للجيران والأصدقاء مثل التجمع
الأسبوعي، فالأم تحرص على لقاء مخصص للأبناء يتم فيه النزول إلى عالمهم
ومشاركتهم ألعابهم والتودد إليهم بعبارات الحب والمعالمة الحسنة، وتغدق
عليهم بمظاهر العطف والحنان، ويكون مع ذلك درس أسبوعي تجتمع فيه الأسرة
يستمعون فيه إلى المواعظ والتفقه في أمور الدين ومناقشة أحوالهم وطلباتهم
وهذا الدرس يكون فيه مادة ثقافية بسيطة تحتوي على قصص ومعاني تجذب الأبناء.
تنمية المواهب
كما
أن الأم تشجع مواهب أبنائها والاهتمام بها والاستفادة منها. وتضع الأم
كذلك برنامجا للرحلات العائلية يضم جميع أفراد الأسرة مع عدم التضييق على
حرية الأبناء وتركهم لممارسة ألعابهم بحرية تامة في حدود الأدب واللياقة
والعادات والتقاليد الإسلامية.
ولتحرص
كل أم على تحفيظ أبنائها القرآن الكريم، وتبث في نفوسهم البر والتقوى،
وعليها أن تدعو الله تعالى لهم بالخير والصلاح، فالخير بين يديها في الدنيا
والآخرة، ولتتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم
مسئول عن رعيته، فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".